يرتبط الانسان المبدع بعلاقة حميمة مع فصل الشتاء الذي يسميه الشعراء.. موسم الشجن. ولا أعلم ما سر هذه العلاقة الجميلة بين هذا الفصل من دون فصول السنة الأخرى والتي شكلت للمبدعين من الشعراء بنوعيه (الشعبي والفصيح) والكتاب والمحبين مصدراً من مصادر الإلهام والشوق والحنين والذكرى والذي ظهر ووصل للمتلقي على شكل إبداع أدبي غاية في العذوبة. شعراً كان أو نثراً. ونجد في بعض الأحيان أن الشتاء يبعث الحزن والخوف من الرحيل لأولئك العشاق الذين كانوا يهنئون بقرب من هم سبب من أسباب السعادة بالنسبة لهم. لعزم من ملكوا شغاف قلوبهم على الرحيل والتنقّل بحثاً عن الحياة ومواقع الأمطار خاصة أهل البادية.. وبمناسبة أمطار الخير والرحمه التي عمّت بلادنا هذه الأيام نسأل الله أن ينفع بها. ومع بداية دخول فصل الشتاء نتذكّر قصيدة الشاعر العذري فهيد المجماج الذي يعد من أبرز الشعراء الذين ذكرتهم وله مع كل رحيل ألم وقصيدة إلى أن قال: وهنا شاعر الجمال والحياة نزار قباني وقصيدة حقائب الدموع والبكاء والتي لها وقع وفلسفة خاصة على نفسه. وعلى كل من يطرب لسماعها أو قراءتها جاء منها: إذا أتى الشتاء.. واغتال ما في الحقل من طيوب.. وخبأ النجوم في ردائه الكئيب يأتي إلى الحزن من مغارة المساء يأتي كطفل شاحب غريب مبلل الخدين والرداء.. وأفتح الباب لهذا الزائر الحبيب أمنحه السرير .. والغطاء أمنحه.. جميع ما يشاء من أين جاء الحزن يا صديقي؟ وكيف جاء؟ يحمل لي في يده.. زنابقاً رائعة الشحوب يحمل لي .. حقائب الدموع والبكاء.. وشاعر تونس الخضراء أبو القاسم الشابي - رحمه الله- يرى الشتاء بمنظاره الخاص: سَأَلْتُ الدُّجَى: هَلْ تُعِيدُ الْحَيَاةُ لِمَا أَذْبَلَتْهُ رَبِيعَ العُمُر؟ فَلَمْ تَتَكَلَّمْ شِفَاهُ الظَّلامِ وَلَمْ تَتَرَنَّمْ عَذَارَى السَّحَر وَقَالَ لِيَ الْغَابُ في رِقَّةٍ مُحَبَّبَةٍ مِثْلَ خَفْقِ الْوَتَر يَجِيءُ الشِّتَاءُ، شِتَاءُ الضَّبَابِ شِتَاءُ الثُّلُوجِ، شِتَاءُ الْمَطَر فَيَنْطَفِىء السِّحْرُ، سِحْرُ الغُصُونِ وَسِحْرُ الزُّهُورِ وَسِحْرُ الثَّمَر وَسِحْرُ الْمَسَاءِ الشَّجِيِّ الوَدِيعِ وَسِحْرُ الْمُرُوجِ الشَّهِيّ العَطِر ونجد لشاعر الكويت مرشد البذال - رحمه الله -معاناة أخرى مع فصل الشتاء ورحيل الأحبة وهو يتغنى: وهذا الشاعر الرقيق أمير نفي عبدالله بن سبيل يتوجد على جيرانه البدو عندما وجد مكانهم خالياً بعد رحيلهم: