في الآونة الأخيرة من هذا العام 1436ه تتابعت قوافل الراحلين من الأخيار من زملاء ورفاق وغيرهم من الأحبة، فطريق الموت آهل بعبور من انتهت أيام إقامته في الحياة الدنيا من بني البشر إلى الدار الباقية، فالسعيد من يرحل بزاد من التقى -وإن عاش في الدنيا منعماً ومرفها، فإن نعيم الدنيا يزول بزواله لا محالة-. ونرجو من المولى كرم الوفادة والرحمة للأخ العزيز راشد بن سالم الحويطان مدير مدرسة ابن عباس بالدلم -سابقاً- الذي انتقل إلى جوار ربه إلى دار النعيم المقيم برحمته ومغفرته ليلة السبت 20-12-1436ه وأديت عليه صلاة الميت بعد صلاة العصر بجامع الشيخ عبدالعزيز بن باز بمدينة الدلم بمحافظة الخرج -رحمه الله-.. وقد سبق أن اتصل عليّ كل من الأخوين الكريمين سعد بن محمد بن سبيت، وعبدالرحمن بن سعد الدريهم يخبراني عن رحيله عن الدنيا لعلمهما بعلو مكانته وحبي له، علماً أني قد اتصلت عليه عبر الهاتف ليلة السبت المصادفة لوفاته: السلام عليك أبا سالم، السلام عليك أبا سالم فلم يجب كعادته..!. فحزنت وتأثرت كثيراً على رحيله لما يتمتع به من كرم وخصال حميدة وسجايا حسنة، فهو جم التواضع، ولقد ولد بمدينة الدلم عام 1357ه يتيما، حيث فقد والده مبكراً، فتولت والدته الحنون تربيته تربية صالحة ورعاية تامة إلى أن شب وكبر واشتد ساعده..، ثم أخذ نصيباً وافراً من القراءة وحفظ أجزاء من القرآن الكريم، كما حفظ بعض المتون المعروفة بتوحيد الله وبالتفقه في الدين القويم..، بعد ذلك التحق بمعهد المعلمين الابتدائي، حيث نال شهادة الكفاءة، ثم واصل الدراسة بالمعاهد التكميلية بالرياض المعدة لتهيئة المعلمين للتدريس -آنذاك- حتى اجتاز الاختبارات بتفوق، ثم عين مدرسا بمدرسة ابن عباس الابتدائية بالدلم ومكث عدداً من السنين، بعد ذلك عين وكيلاً، ثم مديراً في نفس المدرسة لنشاطه وخبرته، وكان محبوباً لدى زملائه المعلمين وأبنائه الطلبة، حتى تقاعد تاركاً أثراً طيباً وذكراً حسناً، مخلدا محبته في النفوس، وبعدما غادر عمله المشرف الرسمي ساهم مع مجموعة من أعيان أهالي الدلم بمطالبة الجهات المختصة في تحقيق ما تحتاج إليه مدينة الدلم وضواحيها من المشاريع الحيوية والتطويرية كمثيلاتها من مدن المملكة وأريافها، والحمد لله تحقق في زمنهم الشيء الكثير بدعم من الدولة -أعزها الله بطاعته- ووفق رجالها المخلصين في أداء ما أنيط بهم من أعمال تهم المواطنين والمقيمين معاً. ولنا مع -أبي سالم- ومع جميع أسرة المعلمين والإداريين ذكريات جميلة، وخاصة من شاركوا معنا في العمل بلجان الاختبارات أثناء حضوري رئيساً للجان الاختبارات بدءاً من عام 1393ه لعدد من المدارس بمنطقة الدلم ومقرها مبنى مدرسة ابن عباس لمدة عامين غير متواليين التي كان يديرها الأستاذ الفاضل راشد بن سالم الحويطان -آنذاك- رحمه الله-، وعام آخر بلجنة مدرسة الهياثم 1394ه حيث قضينا مع -أبي سالم- أجمل الذكريات وأمتعها، ومع عدد كبير من أبناء الدلم الذين غمرونا بكرمهم ورحابة صدورهم، حيث دخلنا معظم منازلهم لتناول طعام الغداء أو العشاء -أكثر الله من أمثالهم- وظل التزاور بيننا وبينهم بين حين وآخر، وفي أثناء مرضه الأخير أوصى أبناءه بأن لا ينسوا التواصل بيننا ولسان حاله يتمثل بهذا البيت: فهي وصية مودع -غفرالله له-، وقد خلف ذرية صالحة بنين وبنات تجدد ذكره بالدعاء المستمر له وبالذكر الحسن -تغمده المولى بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه وأبناءه وبناته ومحبيه الصبر والسلوان.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف - حريملاء