إشارة إلى ما تناوله الكاتب القدير الأستاذ (محمد عبداللطيف آل الشيخ) عبر زاويته الشهيرة (شيء من) بالعدد رقم 15552 الصادر في يوم الثلاثاء الموافق 28 أبريل (نيسان) 2015م, تحت عنوان (الحل: حجب تويتر والفيس بوك واليوتيوب).. تحدث الكاتب في مقالته عن خطورة مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية خاصة (تويتر والفيس بوك) ودورهما في تنسيق العمليات الإرهابية.. مشيراً إلى أن هذه الوسائل الحديثة سهلت وبشكل واضح ليس الدعوة للإرهاب وتجنيد العقول الشابة فحسب، بل أصبحت ساحة مفتوحة بلا ضوابط لكل من هب ودب, سيما دعاة الإرهاب والإرهابين ليواصلوا مع بعضهم ويتبادلوا المعلومات وينسقوا فيما بينهم لنسف الأمن والاستقرار في بلدنا.. واصفاً الحل: في حجب مواقع التواصل الاجتماعية (تويتر والفيس بوك واليوتيوب).. إلخ. وتعليقاً على ما تناوله الكاتب القدير في هذا السياق أقول ومن نافلة القول: إن ثورة الاتصالات الرقمية وتحولاتها التكنولوجية.. باتت (في واقعنا المعاصر) جزءاً مهماً من حياة الشباب من كلا الجنسين الذين يتصفحون الإنترنت ومكوناتها الرقمية بحثاً عن المعلومات والإخبار، كما يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي برؤى واتجاهات فكرية متباينة ما بين الغث والسمين، ومعروف في عالمنا الافتراضي أن بعض المواقع «المشبوهة» أو منابر الفتن (السياسية والتحريضية) التي تصّدر الأفكار الإرهابية، والآراء الضلالية.. الخارجة عن قواعد الضبط الديني والاجتماعي والقيمي.. يقودها خفافيش الظلام، وشرذمة مريضة يملأ أحشاءها الحقد الدفين.. وكراهية مجتمعنا المتماسك بوحدة الوطنية وقوة نسّيجه المترابط.. تحاول استغلال هذه المواقع العفنة وقنواتها المشبوهة.. وقت الأزمات لنشر الشائعات المسمومة, وبث الأكاذيب المغلوطة, وإطلاق العبارات المظللة, ومحاولة التأثير على عقول الشباب وتلويثها بالدعوات التحريضية، والأفكار المنحرفة, والدعايات المسعورة, وبالتالي اختطافهم وتجنيدهم بعد عملية غسل الأدمغة.. وتحويلهم إلى أدوات أشبه «بالقنابل الموقوتة» لا تعرف إلا ثقافة الموت والقتل والتدمير والتخريب واستهداف الأبرياء وزعزعة الأمن والاستقرار والجناية على الأنفس والممتلكات العامة والخاصة.. ليكونوا هؤلاء الشباب المغّرر بهم.. ضحايا للتفجيرات الإرهابية, والعمليات الإجرامية, وإمام آفة الإرهاب ومخاطرها على البناء الاجتماعي ووظائفه طالب الكاتب الأستاذ (محمد إل الشيخ) في مضمون مقالته،.. بحجب مواقع التواصل الاجتماعي العالمية عن الداخل..كما فعلت الصين حين حجبت هذه المواقع الإلكترونية عن الشعب وأتاحت مكانها مواقع تواصل اجتماعية بديلة تؤدي الخدمة ذاتها, تحت رقابتها.. جعل مسلمي الصين الذين يقدر عددهم مايربوا عن (130 مليون) مسلم محصنون من هذه الدعوات الدموية الخبيثة على حد زعمه..!! نعم قد تكون الصين نجحت في السيطرة على المواقع الشيطانية ومنابرها الإرهابية ليس فقط بحجب المواقع الإلكترونية المشبوهة وإحلال مكانها مواقع تواصل اجتماعية بديلة تؤدي الخدمة ذاتها, وإنما بعامل مؤثر ومهم يتمثل في رفع مستوى (الوعي) المجتمعي ومكوناته, وتخصيص ميزانيات تصرف من أجل رفع سقف الوعي الصحي, والوعي ضد مخاطر الإرهاب وأفكاره المنحرفة, والوعي الأخلاقي المتمخض من قيم المجتمع وماييره الأصيلة, والوعي الإعلامي ومنطلقاتها المهنية.. حتى أن الحكومة الصينية ألزمت جميع العاملين في وسائل الإعلام المختلفة للالتحاق بدورات (توعوية ووقائية) ضد بعض التيارات الإيديولوجية السياسية التي تهدد وحدتها الوطنية وتقسيمها، وضد لوثة الإرهاب وتنظيماته الإجرامية وخطورته على المجتمع، وبالتالي شكل الوعي العام المجتمعي الصيني (صمام أمان) ليس فقط ضد حّمى الإرهاب وأفكاره الهدامة بل كل ما يهدد الوحدة الشعبية وتماسكها, بعد أن أصبح الإرهاب آفة مرضية عالمية تهدد امن واستقرار المجتمعات البشرية.. ولذلك من الأهمية بمكان محاربة التطرف وأفكاره الضلالية داخل نسيجنا الاجتماعي.. وحماية عقول بعض شبابنا المندفعين بعواطفهم ومشاعرهم الجياشة.. من مستنقعات (المواقع التكفيرية) ومنابرها المتّعفه.. من خلال إعداد وصياغة الخطط الإستراتيجية الوطنية لمحاربة لوثة الإرهاب وتحقيق الأمن الفكري كمنهج حضاري وأخلاقي.. يقود إلى النجاة من الغلو والعنف والفكر التكفيري المتطرف والبعد عن التعصب والاقصائية والآراء الهدامة, وبث الوعي في مجتمعنا الفتي, ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال، وتربية الشباب على منهجها المحمدي القويم.. هذه الخطط الإستراتيجية ومكوناتها العلاجية والوقائية.. تأخذ على عاتقها النهوض بقالب مؤسسات التنشئة الاجتماعية وتفعيل عملياتها.. التربوية والأخلاقية والعقلية والنفسية والفكرية والاجتماعية والعاطفية.. بدءاً من (الأسرة) التي تقوم بدور الضبط الاجتماعي لإفرادها عبر هذه العمليات السوسيولوجية.. مروراً بالمؤسسات التعليمية ودورها التربوي في بث الوعي الفكري وتحصين عقول الطلاب والطالبات ضد السلوك الضلالي ونتائجه الوخيمة.. بالإضافة إلى دور (المؤسسات الدينية) في مكافحة آفة الإرهاب والتصدي لجميع ألوان الغزو الفكري ونشر قيم التسامح ومنهج الوسطية.. من خلال المنابر الإعلامية أو خُطب الجمعة.. خصوصاً وأن هناك دراسة متخصصة أظهرت معطياتها العلمية إن تأثير خُطبة ألجمعة في إيصال المضمون والتوجيه والإرشاد الأسري والتوعية المجتمعية أكثر من تأثير الإذاعة والتلفاز, كما إن (المؤسسات الإعلامية).. المختلفة.. ومن منطلق (نظرية الغرس الثقافي) الإعلامية..لها دور مفصلي في رفع سقف الوعي الأسري وتحقيق الأمن الفكري والأخلاقي، وتنوير المجتمع وشبابه بخطورة الفكر التكفيري ونبذ التطرف والغلو والإقصاء.. عبر رسالتها المهنية السامية..كا إن (الطبقة المثقفة) ونشاطها الفكري في أنديتها الأدبية والثقافية لها حراكاً (بنيوياً) فاعلاً في دحض الدعاوي المظللة، وتعرية مواقعها المشبوهة, ونشر ثقافة الحوار الواعي داخل النسيج المجتمعي.. كمنهج حياة، ينبذ سلوك الاستبداد, والتسلط والعنف والإقصاء والتعصّب.. إلى جانب دور المؤسسات الأمنية والصروح الأكاديمية في إقامة الندوات الفكرية وتنظيم ورش العمل التنويرية, والدورات الثقافية التوعوية المكثفة التي تساهم في تجلية وكشف الشبهات حول الآراء الهدامة والغلو والتطرف.. من مواقعها التحريضية المتعّفنة.. وعلاج ظواهر الانحراف الفكري والأخلاقي والاجتماعي.. وأخيراً وليس آخر.. يبقى تعزيز الأمن الفكري وبث الوعي الشعبي في قالبه المؤسسي.. صمام الأمان للمجتمع السعودي -بإذن الله- ضد الإمراض الاجتماعية, والإسقام الفكرية, والانحرافات السلوكية.