مفارقة .. أمهات ولكن إرهابيات يدفعن فلذات أكبادهن إلى الانتحار والموت المجاني .. تخلين عن دورهن الفطري في بث الحنان والدفء في وجدان أبنائهن وتحولن إلى أمهات مفخخات بعيدا عن دورهن في تكوين شخصية وسلوك الأبناء وتعويدهم على التسامح والسماحة. كم من مشاهد ومقاطع انفطرت لها القلوب وأم تدفع ابنها إلى الرحيل والسفر إلى مواقع الاقتتال والفتنة والكهوف المظلمة لتحمل لقب الأم العدوانية فتدفع بأبنائها إلى المجهول بعد أن تحرمهم من التعليم والرعاية وتبعدهم عن محيطهم الاجتماعي الآمن وتحيلهم إلى آلات قتل وتدمير وتفجير وزعزعة الأمن والجناية على الأنفس.. ما سبب تحول بعض الأمهات إلى منابع موت وتفجير وقتل. «عكاظ» فتحت الملف وطرحت الأمر على أكثر من صعيد، وتعبر أمهات عن صدمتهن لحال بعض النساء ضربن عرض الحائط بالفطرة السليمة. تقول أم عبد الإله وهي أم لأربعة من الشباب: أتمنى مقابلة واحدة من تلك الأمهات المفخخات لأطرح عليها عدة أسئلة، كيف طاوعكِ قلبكِ أيتها الأم لتدفعي بأبنائك إلى الانتحار والموت والمصير المجهول .. أنا أطالب بوضع حجر على مثل هذه الأم القاتلة أو أن يتم وضعها في المصحات النفسية حتى يعود إليها عقلها.. على ذات الرأي تمضي السيدة أم إبراهيم (والدة شابين) وتضيف: إن أمهات الإرهاب غير مؤهلات للأمومة من الناحية العقلية فكيف تضحي أم صحيحة بفلذة كبدها لأجل القتل والتقتيل، مثل هذه الأم كمن تضع السم لصغارها في طعامهم .. لأنها تتسبب في تدمير المجتمع، والمطلوب توقيع أقسى أنواع العقوبة على مثل هذه الأم حتى تكون عبرة لغيرها. وتعتبر أم حمد أن أي أم تقدم على تحريض أبنائها للموت في مواقع القتال والفتنة ليست أما بالمعنى المفهوم للأمومة فكيف لأم أن ترمي بفلذات أكبادها إلى المهالك .. يبدو أن هؤلاء تعرضن إلى غسل في الأدمغة وعلى المجتمع أن يجنب تلك الأم من الخطر بانتشالها من الدرك السحيق. منع تجذر الفكر المنحرف البروفسور طارق آل حبيب استشاري الطب النفسي يعلق على ذلك بالقول: إنه كل ما كانت الأم أكثر تأثيرا على الطفل كان أكثر سلبية وتبعية، والسبب الذي يجعل الأم تتخلى عن عاطفتها وتبعث بابنها إلى الموت يعود إلى خلل نفسي أو فكر ضال أو توهمات تاريخية خاطئة دون النظر إلى الواقع. ويطالب البروفسور الحبيب الآباء والأمهات بالاقتراب من أبنائهم وبث قيم التسامح في قلوبهم وأن تقوم كل الجهات بدورها المأمول في هذا الجانب والمقصود بذلك مؤسسات الدولة وإنشاء وزارة للشباب والأسرة تعنى بأحوال الشباب فالإنسان السوي هو من يحتاج إلى العناية والرعاية ليكون مميزا أكثر من غيره. أما الدكتورة هيا المنيع عضو مجلس الشورى فترى أن دخول المرأة إلى مسرح الفكر المتطرف والضال يعد منعطفا خطيرا يشير إلى إمكانية توغله إلى المجتمع في حال الغفلة وعدم الانتباه ويمكن الآن السيطرة على ذلك ومنعه من التجذر والامتداد ومحاصرته والخطورة أن الأم هي المسؤولة عن بث القيم الصحيحة في وجدان الأبناء وإن تخلت عن هذا الدور يبدو الأمر أكثر خطرا. هكذا نمنع اختطاف الأمهات الدكتورة هيا تناولت اعتناق بعض الأمهات للفكر الإرهابي، وتعلق أنها تستغرب من بعض المقاطع التي تبثها المواقع الالكترونية عن احتفالات أمهات شجعن أولادهن للانخراط في معارك وحروب بل إن بعضهن يسعدن بمقتل أبنائهن .. أي بؤس هذا تقول الدكتور هيا .. إن قمة البؤس أن تعزز الأم في ابنها السفر للقتال والانتحار في حرب يقتتل فيها أناس لا علاقة له بهم وفي معارك تنفذ مخططات تخريبية مسيئة للدين الإسلامي وسماحته. حين تأخذ سيدة أبناءها وتحاول الهروب بهم عبر الحدود إلى مواقع الاقتتال أو للحاق بزوجها المقاتل في الجماعات الإرهابية. يجب أن يعاد النظر في أمومة سيدة مثل هذه، كان عليها أن ترعى أبناءها وتصون حياتهم وسلامتهم ورعايتهم في مدارسهم ومشاركتهم في لعبهم ومكافأتهم واحتضانهم .. لكن الأم الإرهابية تخلت عن دورها لتتحول إلى قاتلة بإرادتها. وأضافت الدكتورة هيا المنيع: إن المؤسسات الثقافية والتعليمية مطالبة بمراقبة مصادر الثقافه التي تستقي منها النساء أفكارهن ومواجهة معاول الفتنه التي تنخر في المجتمع عبر الكثير من المنابر مثل شبكات التواصل الاجتماعي التي استغلها، للاسف، صناع الفكر المتطر . إن مانريده من تلك المؤسسات هو القيام بدورها لحماية الأسر والعائلات من هذا الفكر المتطرف وحماية المرأة ببرامج تنويرية تثقيفية وإعادة النظر في برامج تمكين المرأة لأن إقصاءها أو تهميشها أو بخسها بعض حقوقها.. كل هذه العوامل قد تسهل اختطافها فكريا واستغلالها لتحقيق مآرب ومخططات الجماعات الإرهابية خصوصا صغيرات السن منهن. الباحث الاجتماعي خالد الدوس المتخصص في القضايا الأسرية والاجتماعية، يؤكد أن للأمومة تقديرها العظيم في كافة الأديان السماوية وفي الإسلام على وجه التحديد فالإسلام كرم الأم العظيمة فجعل الجنة تحت أقدامها، وجعلها أحق الناس بحسن الصحابة كما أن ديننا الحنيف المتسامح كرم الأم في كافة الاتجاهات السلوكية والمواقف الأخلاقية والمواضع الأسرية وحث على طاعتها وحسن التعامل معها لما لها من فضل عظيم على أبنائها فهي التي تحملهم في أحشائها وتغذيهم ثم تتعهدهم في جميع الاتجاهات التربوية والاجتماعية والقيمية والنفسية والعقائدية والأخلاقية. يضيف الدوس: الأم هي المصدر الدافئ الذي لانهاية له، ولولا الخصائص الفيسيولوجية والسيكيولوجية والتركيبة الانثوية التي منحها الله إياها من الحب والصبر والتحمل والتفاني والإخلاص والإيثار والتضحية والوفاء في كيانها الإنساني الفطري لانهارت الحياة كلها وانقرضت البشرية. لذلك تبقى الأم هي رمز الوفاء ونبع العطف والحنان الكبير في عينها الصفاء.. وفي صدرها الإيمان.. وبين أذرعها السكينة والأمان.. وفي لمساتها الشفاء، وفي الدعاء القبول وفي رضائها جنات النعيم وفي طاعتها طريق الحق والنور والسرور. مواجهة الدعوات المسعورة الباحث خالد الدوس يزيد قائلا : الأم هي التي تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية تنشئة الطفل في السنوات الأولى في حياته وهي التي تضع اللبنات الأولى في تشكيل شخصيته وملامحها وإشباع حاجاته النفسية والاجتماعية والوجدانية والعقلية.. فتغرس داخل وجدانه بذور قيم المجتمع ومعاييره الأصيلة وتنمي فيه العادات والتقاليد الحميدة التي تتماشى مع قواعد الضبط الديني والأخلاقي والاجتماعي، فتنقل إليه التراث الثقافي وتصل ماضيه بمستقبله، وبالتالي تعمق جذوره الحضارية وتكرس تعزيز قدراته الفكرية واكتشاف طاقاته الإبداعية التي تجعل منه عنصرا فاعلا في البناء الاجتماعي وصيرورته، ولدور الأم في التنشئة الاجتماعية والأخلاقية والنفسية والفكرية خصصت الأممالمتحدة يوما عالميا تحتفل فيه المجتمعات البشرية في العالم بتكريم (الأم) وإبراز دورها الكبير في قيادة قاطرة التربية.. السلوكية والعقائدية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية على أرض مليئة بشوك الشبهات المضلة، والشهوات المغرية، والفتن السوداء والدعايات المسعورة لتصنع داخل النسيج الأسري ومكوناته رجال المستقبل وسواعد الأمل. غسل الأدمغة في المواقع عندما تنحرف قاطرة التربية ومظاهرها (للأم) عن مسار سلوكي يتنافى مع الثوابت الشرعية وقيم المجتمع المعتبرة ومعاييره الأصيلة مثل انخراطها في أعمال إرهابية أو تصبح بالتالي الأم إرهابية.. يقول الدوس: تكون الأم قد وقعت ضحية لأصحاب الفكر المتطرف وأرباب الفتن والمضللين عبر مواقع غسل الأدمغة الملوثة، وقنواتها المشبوهة التي تبث الأفكار العدائية والآراء الهدامة من جماعات إرهابية تسعى لاختطاف العقول الشبابية وإعطاء الأولوية القصوى لتهريب النساء عبر الحدود كما ظهر في بيان المتحدث الأمني لوزارة الداخلية في 19-6-1435ه .. في هذه الحالة تصبح الأم عدوانية يقودها الفكر المنحرف وتطرفها الإرهابي الملوث إلى كهف مظلم فتضحي بأبنائها لتهريبهم إلى المجهول وتحرمهم من تعليمهم ومن حياتهم الاجتماعية ومستقبلهم.. فتحولهم إلى بشر أشبه «بالقنابل الموقوتة» لا تعرف إلا ثقافة الموت والقتل واستهداف الأبرياء وزعزعة الأمن والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات العامة والخاصة ثقافة مع الأسف تسكن الكهوف والجبال لاتشم غير رائحة الموت والإفساد في الأرض.. ويختم الباحث الاجتماعي خالد الدوس ليخلص إلى أنه حينما تتمزق قيم الأمومة المثلى وتخرج الأم عن منهج وقواعد الضبط الديني والاجتماعي والأخلاقي تلتقطها الجماعات الإرهابية وخلاياها التكفيرية بعد أن تمارس معهن لوثة الإرهاب وعملية غسل الأدمغة.. فتصبح خطرا على النسيج الأسري وعلى الكيان المجتمعي بوجه عام.. والأمر يحتاج إلى تحديد استراتيجية وطنية متكاملة تعنى بالأمن الفكري، وإلى جهود مشتركة تنويرية من مؤسسات التنشئة الاجتماعية تنهض بقالب الوعي الأسري وتحمي العقول من لوثة الإرهاب وإرهاصاته، ولا يمكن ذلك دون تكاتف الجميع أمنيا وتربويا وأسريا وإعلاميا ودعويا ومجتمعيا. أم أسامة المصرية دعت إلى دعم المتطرفين بالطبخ أصدر تنظيم القاعدة الإرهابي في فترات سابقة نشرة أطلق عليها صوت الجهاد اختفت مع الضربات الأمنية المتلاحقة وكان الصوت النسوي في النشرة محصورا أو منعدما، ثم ظهرت على السطح نشرة مماثلة لحقت برصيفتها وكانت تشرف عليها سيدة مصرية أطلقت على نفسها أم أسامة ظلت تنادي بدعم المتطرفين بمهام لا تتجاوز الطبخ ودفع ذلك نساء التنظيم الارهابي الى الظهور من خلال بعض المواقع بأسماء مجهولة ولم تتبين هويتهن الا بعد ضبطهن أو مقتل أزواجهن. منذ العام 2006 لم يتجدد الحديث عن الدور النسائي في تنظيم القاعدة، عدا استخدام الإرهابيين الذكور للأزياء النسائية للتخفي، او استخدام بعض الإرهابيين لزوجاتهم أو أمهاتهم للسفر بهن إلى دول مجاورة بهدف شراء الأسلحة وتهريبها. وكان اللواء منصور التركي المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية، ابلغ في وقت سابق أن عدد النساء اللاتي ثبت تورطهن في تنظيمات إرهابية بأنه «محدود للغاية»، مشيرا إلى أن معظمهن في الغالب إما متزوجات أو أرامل، باستثناء امرأة واحدة منهن فقط كانت غير متزوجة. مشيرا الى أن دور المرأة في تنظيم القاعدة الارهابي يتركز في ثلاثة محاور، تتمثل في جمع التبرعات، ونشر الفكر الضال، وإيواء المغرر بهم من أقاربهن. ويأتي توظيف النساء في العمل الارهابي بسبب حساسية وضع المرأة في المجتمع العربي، حيث تحاط المرأة بسياج من الوقار. معالجات فكرية من التنظير إلى التطبيق ● عكاظ (مركز المعلومات) أجمعت أكاديميات وباحثات شاركن في مؤتمر لمكافحة الإرهاب في وقت سابق على أهمية دور المرأة في مكافحة الإرهاب والحد من الغلو واعتبرن دخول المرأة إلى عالم التطرف والإرهاب غريبا ومستهجنا. واعتبرت المشاركات بعض الوسائل الإعلامية والمواقع الالكترونية خطرا يبث السموم وينشر الفتن الأمر الذي يحتم على الجميع مواجهة تلك الوسائل بالعقيد الصحيحة والوسطية والتركيز على منشآت التنمية الاجتماعية لإيصال الصور الصحيحة للدين الإسلامي، والتوضيح للأبناء الفرق بين الدين ومظاهر التدين، وإيصال صورة الدين الحنيف الذي قام بتوضيحه النبي محمد عليه الصلاة والسلام.. واستهدف المؤتمر بناء استراتيجية علمية برؤية إسلامية للمعالجة الفكرية من خلال التعرف على نقاط القوة والضعف وفرص النجاح والمخاطر المحيطة بكل مراجعة فكرية أو جهد دعوي أو رؤية أو آلية جديدة معززة لإعادة المنحرفين، ودرء الخطر عن المستقيمين، وذلك بما يحقق الانتقال بالمعالجات الفكرية من مرحلة التنظير إلى مرحلة التطبيق.