انتقد مختصون وقانونيون، ما تمارسه غالبية شركات ومحلات تأجير السيارات من تجاوزات واختراقات قانونية خطيرة أمام مرأى ومسمع الجهات المعنية.. ويتمثَّل هذا التجاوز الذي تمرره شركات ومحلات التأجير بشكل يومي على عملائها، في فرض مبالغ إضافية على المستأجر في حال تعرض السيارة إلى تلفيات جراء حادث مروري، حتى وإن كانت مؤمَّنة تأميناً شاملاً. ويرى القانونيون، أن هذا التجاوز تشترك فيه شركات التأمين، وبالتالي تتحمل جزءاً من وزره، مطالبين وزارة النقل بالتدخل كون تجاوزات محلات التأجير تمثّل جزءاً من مسؤولياتها. وقال المستشار القانوني حمود الناجم ل «الجزيرة»: جرت العادة أن مكاتب تأجير السيارات تقوم بتوقيع عقود أو إضافة بنود بعقد التأجير تحت بند ما يُسمى «مبالغ تحمُّل»، وهو تحميل المستأجر قيمة تأمين السيارة المؤجرة في فترة الإيجار، ووضع سياسة معينة لشروط هذا التأمين بعقد الإيجار، وتحديد مبالغ معينة تدفع على المستأجر. وأضاف: هذا النوع من البنود أو العقود الملحقة بعقد التأمين مخالفة صريحة للنظام، وتُعتبر شركات التأجير بذلك تخطت حدود عقد الإيجار، ومارست نشاط التأمين بصورة مخفية تحت غطاء عقود التأجير بدون ترخيص، وهو مخالف قطعاً لأنظمة التأمين الموجودة بالمملكة، ويوضح هذه المخالفات لشركات التأجير أن السيارات المملوكة لها في الأساس مؤمَّن عليها تأميناً شاملاً وفقاً لأحكام النظام، ولا يمكن لها الحصول على رخصة السير بدون تأمين، بعد ذلك تعمد شركات التأجير إلى إفهام العميل وتخييره على أنه في الحصول على تأمين للسيارة المؤجرة يجب عليه دفع مبلغ معين بخلاف مبلغ التأجير وتحميله مبلغاً مقطوعاً في حالة - لا قدَّر الله - وقوع حادث نتج عنه تلف بالسيارة، رغم أن هذا التلف بالكامل تتحمّله شركات التأمين بموجب وثيقة التأمين الإجبارية على السيارة، وعليه نجد أن شركات التأجير تتحصل على أضعاف مبلغ التأمين المدفوع بهذه الحيلة المخالفة للأنظمة، ونرى في ذلك مخالفة صريحة لنظام التأمين وشروط عقد التأجير حتى وإن عهدت شركات التأمين إلى شركات تأجير السيارات بإنشاء وثيقة التأمين مع عقد الإيجار، لأن السيارة في الأساس مُؤمَّن عليها ويكون أي اتفاق على عدم تحمُّل شركات التأمين لهذه المسئولية في حدود وثيقه التأمين الأصلية بينها وبين شركة التأجير مخالفاً للنظام. وقال: لذا يجب أن يكون هناك تدخل صريح ومباشر من وزارة النقل بحكم الاختصاص بالتعميم على شركات التأجير بعدم تضمين عقد التأجير أي مبالغ تدخل في التأمين، والتوضيح لعملاء شركات التأجير أن عقود تأجير السيارات مشمولة بالتأمين الإجباري، وأن شركات التأمين مسؤولة عن جبر أي تلف ينشأ من المستأجر في حدود وثيقة التأمين وفقاً لأنظمة التأمين المعمول بها. وشدد الناجم، على أن المبلغ المتحصل كتأمين للسيارة مخالف شرعاً لعقود الإيجار في الإسلام، من كون أن صاحب الشيء المؤجر عليه تحمل مصاريف صيانة ملكه، وأي التزامات تتفرع من هذا الملك كتجديد رخصة السير ودفع التأمين الإلزامي لأن عقد الإيجار لا يعني انتقال هذه الالتزامات من المؤجر للمستأجر، لأن الملكية لا تزال ملك المؤجر والمستأجر فقط منتفع، وعليه لا يجوز شرعاً تحميل نفقات السيارة من ضمنها التأمين الإلزامي للمستأجر طبقاً للقاعدة الفقهية «أن ضمان الأعيان المؤجرة على المالك». من جهته، اعترف عضو اللجنة الوطنية للتأمين عبد العزيز أبو السعود، بأن مبلغ التحمُّل أو النسبة المقتطعة من كلفة قطع الغيار، تكون في العادة مفروضة من شركة التأمين على المؤمَّن له، والغرض من فرض مبلغ التحمل هو إيجاد مصلحة للمؤمن له في تجنب الحوادث، حيث تتوقع شركة التأمين أن إلزام المؤمن له بتحمل جزءٍ من كلفة الحادث يمثّل حافزاً لتجنب الحوادث، أو تقليل كلفتها، الأمر الذي سيكون له انعكاس إيجابي على قسط تجديد التأمين، أضف إلى ذلك أن شركة التأمين تمنح المؤمن له تخفيضاً في قسط التأمين يزيد بزيادة مبلغ التحمل. وأضاف: أما الاقتطاع من كلفة قطع الغير فهو أيضاً معمول به عالمياً وتقره الجهات الرقابية، ونسبة الاقتطاع تزداد كلما زاد عمر المركبة، ومبرر الاقتطاع هو أنه من وجهة نظر شركة التأمين إذا كان الحادث الذي تعرضت له المركبة يُوجب استبدال القطع المتضررة بأخرى، فإن الاستبدال يجب أن يكون بقطع من نفس عمر المركبة المتضررة، فإذا حصل ذلك فلا يحق للشركة اقتطاع أي مبلغ من كلفة القطع المستبدلة. وزاد: لكن ما يحصل غالباً هو أن القطع التالفة القديمة تستبدل بأخرى جديدة، وهنا يفرض على المؤمن له تحمل نسبة من كلفة القطع المستبدلة الجديدة، تتناسب مع قدم المركبة. وتابع أبو السعود: إن تعبير «التأمين الشامل» كثيراً ما يقود إلى سوء فهم أن مثل هذا التأمين يغطي المسؤولية تجاه الغير، بالإضافة إلى الأضرار العرضية التي قد تحصل للمركبة من جراء حادث مؤمن عليه، ولكن هذا النوع من التأمين كغيره من التغطيات التأمينية ليس مطلق الشمول، بل يخضع إلى قيود واستثناءات منصوص عليها في وثيقة التأمين. بدوره، قال مختص في قطاع التأمين «فضَّل عدم ذكر اسمه» أن مطالبة مكاتب تأجير السيارات بهذا المبلغ لا يُوجد لها نص في نظام التأمين، كما لا يُوجد أي تنظيم يحدد تحميل المستهلك أو المستفيد هذا المبلغ.. وأضاف، أن مبلغ التحمل صار مصطلحاً متعارفاً عليه، ولكنه غير نظامي والهدف منه أن يشعر العميل «المستأجر» بالمسؤولية كي لا يقترف الخطأ، وأن يكون له مصلحة مباشرة بعدم حدوث الحادث الأمر الذي يعزز جانب الحرص لديه على السيارة وعدم التهور.. وتابع: بعض شركات التأمين تفرض على شركات التأجير هذا المبلغ وتقوم بعض شركات التأجير بتحميله للمستأجر، وهذا أيضاً يُعتبر إجراء غير نظامي، فهذا التنظيم غير موجود في نظام التأمين.