الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: المملكة العربية السعودية بلاد التوحيد، قبلة المسلمين، ومهوى أفئدتهم، وهي تعتبر أمن دول الخليج واستقرارها خطاً أحمر لا يمكن المساس به، ولعل أكبر شاهد على ذلك هو ما تشهد به مواقف المملكة العربية السعودية في الأحداث التي شهدتها بعض دول الخليج، التي سجلت آنذاك مواقف مشرفة حين الوقوف إلى جانب تلك الدول والذود عنها والحفاظ على سيادتها وأمنها، وما يحدث اليوم على الأراضي اليمنية شاهد جديد على أرض الواقع يحكي مدى حرص المملكة على سيادة اليمن وشرعيته واستقرار أبناء الشعب اليمني الشقيق. فاستجابة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- لنجدة الشعب اليمني وحماية حكومته الشرعية بطلب من فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، هو تحقيقٌ لمبدأ الأخوة الإسلامية ورسمٌ لصورة إيمانية صادقة تدل على تكاتف أهل الإسلام فيما بينهم، وتعطي درساً عملياً في حقوق الجار، ونجدته، والقيام بحقه؛ إذ الأمن على نفس الإِنسان وعلى سلامة بدنه، وعرضه وماله، والأمن على الرزق هو الأمن الشامل قال صلى الله عليه وسلَّم: «مَنْ أصبح منكم آمناً في سِرْبه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا». والفطرة الإِنسانية تقتضي الاجتماع، ومتى وجد جماعة من الناس، تعيّن أن تقوم فيهم سلطة حاكمة ترى مصالحهم، وتعمل من أجل بقائهم وتقدُّمهم، وتحجز بين أفرادهم حين تختلف المصالح، فالمسلم يحتاج الأمن في إقامة دينه وأداء شعائره، والأمن على نفسه وعرضه وماله في مجتمع آمن؛ حتى ولو كان يعيش في بلد ومجتمع غير مسلم. فالأمن من أول مطالب الإِنسان في حياته، إِذْ يحتاج الفرد في حياته إلى الأمن على نفسه ودينه وعرضه وماله. والشريعة السمحة جعلت الحفاظ على هذه الضروريات من أهم مقاصدها، فأنزلت الحفاظ على الدين والنفس، والعقل والنسل، والعرض والمال منزلة الضرورة التي لا تستقيم الحياة إلا بها. فمن أعظم مقاصد الشريعة, ومن أَجَل معاني الإخوة الإسلامية, نصرة المسلم لأخيه المسلم, وفك الظلم عنه وتفريج كربته, ومن حق المسلم على المسلم السعي في حاجته وإجارته وحمايته والدفاع عنه, ونصرته واجب إيماني كما قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. فمن هذا المنطلق فقد لبى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود نداء ربه بنصرة إخوانه في أرض اليمن العزيزة لحفظ ضرورات الناس في دينهم وأنفسهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم، جاعلاً أمر الله سبحانه نصب عينيه في حماية أرض اليمن وصيانة أهله استجابةً لطلب الحكومة الشرعية في اليمن بنصرتهم على من انقلب عليهم، وحول حياتهم من سعادة إلى شقاء, ومن أمن إلى خوف, ومن رخاء إلى نهب وسلب من قبل عصابات المليشيات الحوثية المعتدية, ولبى العديد من الدول حملة خادم الحرمين الشريفين المباركة (عاصفة الحزم) لإنقاذ اليمن وأهله, وحفظاً لأمن بلاد الحرمين الشريفين ودول الخليج العربي والعالم الإسلامي أجمع, وما لوحظ من اجتماع المسلمين واتحاد كلمتهم ضد هؤلاء المعتدين لهو دليل على وحدة الصف وجمع الكلمة أمام كل باغٍ ومعتدٍ, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه) متفق عليه. نسأل الله عز وجل أن يوفق مقاتلينا البواسل وأن يعيدهم لديارهم سالمين غانمين، وأن يرد كيد أعدائنا في نحورهم، وأن يخذلهم ويخزيهم وينصرنا عليهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.