الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.. وبعد: فقد تابعت امانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي ببالغ الاسى وشديد الالم ما يتعرض له المسلمون العزّل بإقليم أراكان ببورما - اطفالاً ونساء وشيوخاً وشبابا- من إبادة جماعية ومذابح بشعة ومحارق مؤججة وجرائم فادحة ترتكبها عصابات بوذية متطرفة تتحصّن بتواطؤ السلطات المحلية، وتستظل بخذلان دولي جائر، وصمت إعلامي مشين، يندى له جبين البشرية، في زمن تتباهى فيه الدول والمنظمات بسدانتها لحقوق الإنسان وحمايتها، متجاهلة أن المسلمين البورميين هم أيضا بشر يجب الحفاظ على أرواحهم وحقوقهم وممتلكاتهم التي بها قوام حياتهم، ومتناسية بأن دفع العنوان عنهم هو أيضاً من أولويات ما يجب عليها عمله والحفاظ عليه. وتادية لواجب بيان الحقّ وحكمه الشرعي، وإزاء تصاعد الأحداث الإجرامية ضد المسلمين البورميين الذين لم يرتكبوا ذنبا سوى أنهم آمنوا وقالوا ربنا الله، ودون ماوى يلجأون إليه وعونا ينتصرون به وعضدا يشد من ازرهم، سوى زيادة الإيمان بالله والصبر على ما هم عليه، فإن أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي تود بيان ما يلي: إن المسلمين حيثما كانوا أمة واحدة تجمعهم عقيدة التوحيد بالله عز وجل، وتربطهم شريعة الإسلام التي جاء بها نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهم (كالجسد الواحد اذا اشتكى بعضه اشتكى كله) كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض) "التوبة: 71" ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة" "اخرجه مسلم: 1830"، وهذه الادلة تبين وجوب نصرة المسلمين البورميين جميعا وفق استطاعة كل مسلم وبكل صور النصرة، والنصرة إنما تكون بالنفس والمال والتأييد المعنوي والسياسي ونحوه بما يتناسب والإمكانيات والأحوال والظروف، مهما تخاذل المرجفون واستسلم دون الحق المستسلمون، فالحجة تبقى مع الحق واهله، وعلى الظلم وشرذمته. ونصرة المظلومين والمعتدى عليهم هي نصرة الله ولدينه، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم). "سورة محمد: 2". وتناشد أمانة المجمع الدول العربية والإسلامية -على وجه الخصوص- ومنظماتها الخيرية والاغاثية واجهزتها الإعلامية وكل ذوي الضمائر الإنسانية تسخير كافة الامكانات للعمل على درء العدوان والاضطهاد عن المسلمين البورميين مع نصرتهم ودعم قضاياهم بكافة الطرق الممكنة وكل الوسائل المتاحة، وتقديم المساعدات المعنوية والإعانات المادية العاجلة لهم، وتذكر الجميع بضرورة استشعار المسؤولية الدينية التي تحملوها بدينهم تجاه إخوانهم المسلمين. وفي الختام توصي أمانة المجمع المسلمين البورميين الروهينغيا بالصبر على هذا البلاء والاستعانة بالله عز وجل مع بذل ما يمكنهم من مدافعة العدوان وردع المعتدين ووقف ظلمهم. قال الله عز وجل: (إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور "38" أذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير "39" الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله ولوا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز "40" "سورة الحج. وقال جل شأنه: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقبلون) "سورة النمل، الآية 227". وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين. أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي الأستاذ الدكتور أحمد خالد بابكر