في يوم الخميس 30-4-1436ه انتقل إلى رحمة الله تعالى العالم الأديب الدكتور راشد بن عبد العزيز المبارك، أحد الأعلام البارزين في المملكة في مجال الفكر والأدب والعلوم، وعَلَماً من أعلامها الأفاضل، ولقد حبا الله الدكتور راشد - رحمه الله - سمات جليلة وصفات جميلة وخصالاً حميدة، وقد تجلت هذه الصفات والسمات بالخلق النبيل والتعامل الراقي وسعة الأفق والأدب الرفيع، إنه رجل أحسبه والله حسيبه واضح السيرة نقي السريرة خفيف الروح، باسم الوجه وتميَّز كذلك بصفاء القلب لا يعرف الكراهية، أحبه من عرفه ومن تعامل معه ومن سمع بذكره، وكان محباً للخير مبادراً لكل عمل نبيل، فلا يُستغرب في يوم فقده من أسى ولوعة قلوب محبيه وعارفيه، فالكل في حزن ولوعة على فراقه، وكل الألسن تلهج بالدعاء له بالمغفرة وأن يسكنه فسيح جناته، وكان - رحمه الله - يحمل هموم الأمتين العربية والإسلامية، ويتطلع إلى وحدة كلمتها وعزها وأن تكون في مصاف الدول المتقدمة، وكانت حياته ربيعاً وعطاؤه ينبوعاً في مجال العلم والفكر والأدب، وكنت أحد طلابه في مرحلتي البكالوريوس والماجستير بجامعة الملك سعود (كلية العلوم - قسم الكيمياء)، وكان - يرحمه الله - جاداً وبارعاً في محاضراته جاذباً لطلابه رغم صعوبة مادته (كيمياء الكم)، وكان من صفاته الدقة والملاحظة ولهذا كنا نرتب كلمتنا ومداخلاتنا في المحاضرة قبل أن نتكلم أو نطرح أي سؤال أو استفسار، وعرفته عن قرب بحضوري أحياناً ندوة الأحد التي تقام في داره بمدينة الرياض والتي استمرت أكثر من ثلاثين سنة، حيث تُلقى المحاضرات والندوات من رجالات الفكر والأدب والعلوم بشتى أنواعها من خارج المملكة وداخلها، وكان - رحمه الله - مرحباً بالمدعوين والمحاضرين وكان يكرر - رحمه الله - (مرحباً بكم في داركم) ومكرِّماً لهم، وكنا نشتاق إلى مداخلاته وتعليقاته على المحاضرات لأنه يضفي عليها جمالاً ورونقاً، ويوضح بأسلوبه الراقي المرتب بعض الأفكار التي وردت في المحاضرة وتحتاج إلى توضيح ويكمل ما نقص منها. ها أنت يا دكتور راشد ترحل عن هذه الدار الفانية، فذرفت الدموع وتوجعت قلوب محبيك وعارفيك وكل من تعامل معك، وإن القلب ليحزن والعين تدمع وإنا على فراقك لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. وفي الختام أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتغمدك بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنك فسيح جناته، ويلهم أبناءك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان.