سبق أن أصدرت في موضوع عزوف الشباب عن الزواج، وموضوع تفشي ظاهرة الطلاق، دراسة ميدانية عن «ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي»، وبحثاً آخر بعنوان: «قبل إعلان حالة النكد» رصدت فيه أسباب ظاهرة الطلاق، وقدمت بعض طرق العلاج من خلال توصيات مهمة عن ذلك، إضافة إلى مقالات متعددة. وهما من أهم الموضوعات الاجتماعية، ومن أهم المعايير التي يقاس بها استقرار المجتمع؛ ولذلك تجد كل دول العالم تعمل جاهدة على تيسير سبل الزواج، وبناء الأسرة، والمحافظة عليها، لما يمثله ذلك من دعم للمجتمع كله؛ لأن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، وتُبذل جهود ضخمة للتقليل من نسب الطلاق؛ لما يترتب عليه - في أغلب الأحيان - من تدمير لبناء الأسرة، وتشريد للأطفال، وغير ذلك من المفاسد الكثيرة التي تؤثر سلباً على تماسك المجتمع ككل. ومع نهاية عام 1435ه أصدرت وزارة العدل إحصاء حديثاً عن نسب الزواج والطلاق والخلع، تضمن معلومات خطيرة جداً، فقد زادت نسبة الطلاق خلال العام 1435ه الذي ودعناه بالأمس، عن العام الذي قبله 1434ه بواقع (8371) حالة طلاق، إذ بلغت حالات الطلاق في 1435ه (33954) حالة طلاق، بينما لم تزد نسبة الزواج عن الماضي إلا بنسبة طفيفة، إذ بلغ مجموع حالات الزواج (11817) حالة، ومن هنا نستنتج ما يلي: أولاً: أن حالات الطلاق تفوق حالات الزواج بثلاثة أضعاف. ثانياً: أن الزيادة في حالات الطلاق قاربت حالات الزواج. ثالثاً: أن حالات الزواج تكاد تكون مستقرة عن العام الذي قبله، مع الزيادة الكبيرة في حالة الشباب البالغين مبلغ الزواج. رابعاً: أن الأمور الاجتماعية في مجتمعنا أصبحت معكوسة، فالشباب أصبح يقبل على الطلاق أكثر من إقباله على الزواج، بينما الصحيح هو العكس!! وهذا كله يوجب من كل الهيئات والمؤسسات الحكومية وخطباء المساجد وضع هذا الموضوع المهم والخطير في صدر أولوياتها، ومقدمة اهتماماتها، وإجراء البحوث المتخصصة والدراسات الدقيقة لمعرفة الأسباب الحقيقية والجوهرية لظاهرة عزوف الشباب عن الزواج، وظاهرة انتشار حالات الطلاق والخلع، وازديادها عاماً بعد عام، وصولاً إلى الحلول المفيدة وأهمها المحاضرات والتوعية للشباب والشابات والتخلق بالأخلاق الإسلامية ومنها الحلم وقلة الكلام وعدم تتبع سفاسف الأمور، وإعادة المآسي والقال والقيل، والابتعاد عن الغضب وغير ذلك من العلاجات الناجعة لهذا الاعوجاج الحاصل في هذا الموضوع، وإعادة القطار إلى مساره الصحيح، بحيث نرى إقبال الشباب على الزواج يزداد، ونسب الطلاق تنخفض وتتقلص، لما في ذلك من الأهمية البالغة في استقرار الأسرة، وتماسك العائلة، مما ينعكس على المجتمع كله، ويزيده تماسكاً وقوة وصلابة، والله ولي التوفيق.