لا شك بأن التعليم الصحيح مع التربية الصحيحة، هما اللبنة الأساسية لبناء جيل مثقف وواعٍ، ومقياس لمقدرة الدولة على التخطيط الفعّال في ضمان مستقبل مُشرق للبلد والشعب. ولكن ما يحدث في بلادنا الحبيبة يجعلنا نتخبط يميناً ويساراً على ملامح المستقبل الفعلي لبلدٍ طالما تمنيناه بلداً بلباس الحضارة والتقدم والازدهار، فالتعليم بلا شك عندنا غير التعليم في أي بلد آخر، ويتضح هذا جلياً عندما تغادر مدارس وجامعات السعودية إلى مدارس وجامعات خارجها بحثاً عن فرص أفضل للتعليم والعمل، فبلا شك أن هناك فرقاً كبيراً وكبيراً جداً، فالطالب السعودي في بلده فاشل وإن وجدناه متفوقاً فنجمة خافتة في حين لو كان بجامعة خارج بلده، فسنجده من أوائل المتفوقين، أفلا تجعلنا هذه المفارقات نعيد حساباتنا في تعليمنا، ونتيقن أن هناك مساوئ وعيوباً لتعليمنا مثلما أن له إيجابيات تكاد تكون ميتة. الوزارة طوّرت المناهج الدراسية وحفّزت المدرسين وزادت رواتبهم (على حد قولها)، فهل يعقل أن يكون الخلل من الطلاب أنفسهم؟.. فكروا معي قليلاً. لا أظن، وإلا لما رأينا طلابنا يهربون للخارج للدراسة؟.. وحتى لا تكون وجهة نظري بأنظار البعض (شطحة) دعونا نتحدث عن آلية التعليم.. إن طلاب الثانوية ملزمون بمذاكرة أو بالأصح بحفظ وحدات كاملة من المنهج دون شرحها بالمدرسة مع العلم بأن الطلاب الذكور فقط هم من يضطرون لتدريس أنفسهم وحدات من المناهج بعد حذف البعض، فهل هذه حكمة تعليم أم تهبيش؟؟!! هل يحتاج تعليمنا إلى رجّة قوية، لأنّه ما زال فقيرًا ونظرياً!.. تعليماً يعتمد على الاجترار والحفظ والطاعة العمياء! حوّل الطفل الذكي إلى رجل غبي؛ لأن ملكة الإبداع والتفكير قُتلت فيه؟ هل نحتاج إلى تغيير جذري، وإلى تعليم يعظّم الإبداع والتفكير الحر، تعليم مرتبط بالحياة وسوق العمل...؟ من المؤسف فعلاً أن تعليمنا أصبح تعليم حفظ للكتب وحصولنا في نهاية العام الدراسي على الدرجات فقط، لا يوجد أي اهتمام أو تطبيق بما نتعلم.. ليس هناك أي رحلات تعليمية وتثقيفية (وإن كان هناك فهم فئة محدودة) للاطلاع على القطاعات الأخرى ومعرفتها أو التعريف بقيمة العمل التطوعي والارتقاء بثقافتنا وعقولنا، ولا توجد خطط إستراتيجية للرقي.. فقط تعليم حبر على ورق..!! على القائمين في الوزارة أو الجامعة مراجعة حساباتهم، فالتعليم ليس بالمزاج متى ما أردناه سائباً كان كذلك ومتى ما أردناه حازماً كان كذلك، فالتعليم ليس ب(عناد) وإلا فلنقرأ على مستقبلنا السلام! لذا كان لا بد من اختيار منهجية فعّالة لتقود أجيالنا إلى التعمّق بالوطنية بدلاً من إجبارهم على الحفظ في وقت أن هناك قيماً ومعاني تفتقد للمصداقية بسبب أن رأس البعض (يابس). هي فرصة أخيرة لتعليمنا للنهوض من جديد بعيداً عن سياسة الضغط أو الانفلات، وإلا فلن يكون تعليمنا تعليماً.