لا يختلف اثنان على أهمية الخطاب الديني وتأثيره الكبير على مجامع قلوب الناس فالدين جانب روحي يمس شغاف القلب وهو من دواعي السكينة والشعور بالأمن ولذا من الطبيعي أن يقبل الناس على الاستماع لكل ما يمكن أن يصنف على أنه ديني. من هم صانعو الخطاب الديني؟.. لا يقتصر الخطاب الديني على فئة دون أخرى وهو يتشكل ضمن الثقافي والوطني والاجتماعي والسياسي لأن الدين مظلة لكل خطاباتنا. يبقى إن آفة الخطاب الديني تكمن في احتكاره لسنوات طويلة وحصره في فئة أوهمت الناس أنها تمتلك الحقيقة وما عداها جاهل ضال لا يقبل منه قول وفعل. بينما لو تأملنا في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}. لاحظ كيف جعل الله سبحانه أصنافاً متفاوتة في عملها وأدخل أصحابها ضمن ورثة الكتاب الذين اصطفاهم الله مما يعني أن سماحة الإسلام واسعة ضافية ولم تكن ضيقة محدودة بل هي راعت تحولات الإنسان وتغيراته وتفاوت عمله من مرحلة إلى مرحلة لكن هذا لم يخرجه من وصف الاصطفاء حتى وهو ظالم لنفسه. يتطلب الاعتدال في الخطاب الديني عدة ممارسات دائمة: - جعل القرآن الكريم والسنة الشريفة هما مصادر التشريع ومحك القياس في الاجتهاد وقبول المستجد من القوانين. - إدانة كل ممارسات الإرهاب والتكفير والقتل والتمثيل. - إظهار مواضع سماحة الإسلام واعتداله وشرح مقاصد الشريعة وحمايتها للأرواح والأعراض. - الكف عن نفي الناس من دينهم وتجريدهم من إيمانياتهم بمجرد اختلافهم المذهبي أو الفكري. - الاتجاه لمحاورة الشباب وفتح باب النقاش وقبول تساؤلاتهم حول الدين والوجود وعدم قمعها مهما بلغت من تجاوز لأن في ذلك وقاية من الإلحاد والضلال والإرهاب.