تغلبنا أحزاننا لحظة أن يكون مصدرها ألم حبيب يسكن فينا.. فيما نهزمها، ونتعالى عليها كلما جاءت عن خارجنا.. نتحوّل لأطفال صغار وهي تحتوينا فنتشبّث ببعضنا..، نشهق، ثم نزفر غبارها الحارق.. ثانية تلو الثانية، تلاحق الثانية في دقائق آلامهم.. الأحبّة المقرّبون حين يمرضون، يتعبون، يتألمون تهرع إلينا هواجس الخوف عليهم..، تصمت فينا كل الأصوات إلاّ صوت مناداتهم حتى وهم جوارنا..، ليس من وجه يملأ ناظرينا، ولا نازلاً يحتل لحظة علّتهم وعينَا، وانتباهتنا غير ملامحهم..، فإن كانوا قريبين لازمناهم، وإن بعدوا استحضرناهم.. ألمهم قوت أحزاننا ..، وأحزاننا حصاد آلامهم.. كلما تألموا ضاقت سعة المدى في مخيلاتنا..، وكلما برئوا لا تتسع الدنيا لفرط فرحتنا بشفائهم.. حبهم يهزم فينا عند مرضهم عنفوان قوّتنا، وصلابة بأسنا..، وثقتنا في قدرة صبرنا... وحده الأمل في الله مركبة ننجو بها من الخوف عليهم.. وحدها الثقة في قدرته تعالى مرفأ نهايات قلقنا لأجلهم.. ألمهم رحى تشطر قلوبنا أشلاء ، وتعود تنثرها ذرّات في محراب محبتهم.. لا يبلسم شتات أذهاننا غير استلهام رحمته تعالى، ولا يردّنا عن الهلع عليهم إلاّ توكّلنا على جميل استجابته.. الأحبة يبدأون بهم ، وينتهون عندهم.. هم محطاتنا حين التيه،.. وهم مراكبنا عند الغرق..، وهم مصابيحنا في الدياجير..، وهم سقاؤنا في الهجير.. ليتهم لا يتألمون، حينها لا نحزن، ولا ننهزم.. ليتهم أقوياء في عافية بما يكفي شغفَ الخوف عليهم أمناً..، ليتهم سليمون ما وخزت أجسادَهم آهةُ علّة.. المحبون كلهم ...كلهم أنتِ ..، أجل أنتِ «نوال».. يا أجمل نداء، وأرأف أخوة، وأصدق رفقة.. يا أول حرف لثغتُه فكان من كيان اسمكِ ، .. أنتِ الوارفة عليَّ بجناحيكِ.. وودّكِ... وأخوتكِ.. يا وريد أمي..، يا عبق نوَّارة.. وكل المحطات.. والسقاء، والزاد، والأكنان.. لا تألمْتِ أبداً بعد اليوم..، لا غادرتْك العافية ..، لا نزل بكِ سقمٌ يا غالية.. شافاك الله يا حبيبة.. وعافاك ، وحفظك لقلبي النبض ، والرّواء. شذرة : الكاتب إنسان لا يقوى على الخروج عن ذاته في اللحظة التي ينفرد بذاته على كل الأحوال...!!