أعيش أنا شخصياً كغيري من أبناء وطننا هول الخبر والصدمة الكبرى في وفاة فقيد الوطن والأمة والشعب صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز «رحمه الله» الذي غرس وزرع الحب له وللوطن في نفوس الجميع وبقدر مشاعر الحزن والأسى والألم التي تكتنفني في عبراتي فإن بشائر الرضا حاضرة هي كذلك. جزاء هذا القبول العظيم والحب الكبير والثناء والعطر والمآثر الحميدة والآثار الطيبة الخيرية الجليلة التي خلفها رحمه الله وراءه. حتى غبطه عليها الكثيرون. فما هي القرية أو البلدة أو الجمعية أو الهيئة أو حتى الدولة التي لم يرد لها شيء من سخاء سلطان وجوده وكرمه. إن لحظة ضعف سلطان رحمه الله تكمن في مشروع أو مبادرة وطنية يطير خلالها فرحاً ولا يتمالك نفسه حتى وإن لم يطلب رعاة العمل والمشروع والمبادرة أي دعم فهو يعرض عليهم الدعم والمساندة والمساعدة لحبه لأي عمل جليل يعود على الوطن والمواطن بالنفع العام. سلطان الخير كان بحق مفخرة لنا كسعوديين يمثل فيها رحمه الله أحد أركان دولتنا السعودية المباركة. منحه الله من صفات الكمال البشري العديد منها في ابتسامته ودماثة خلقه وبشاشته وسخائه وكرمه وجوده وعطائه وفصاحته وبيانه وتحمله للمسؤوليات وما حباه الله من قدرة على حل المعضلات والمشكلات. إنه عقد خير ومفتاح صلاح ورابطة نجاح يصلح ما يفسده غيره ويجمع ما تفرق من قلوب. إنه مدرسة حقيقية بكل ما تحمله الكلمة حري بنا كأبناء لهذا الوطن أن نستلهم من حياته التي قضاها وعاشها المعاني الرائعة التي أوصلته إلى هذه المكانة ليست المحلية فقط بل العالمية حتى أصبح أبرز شخصيات العالم تأثيراً وجاذبية. إنه دليل قاطع على نجاح مدرسة الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله الذي أخرج لبلاد ووطنه أمثال سلطان الخير. الجميع يتغنى بمآثره ويحكي قصص تواضعه حتى غدت حكاياته أسطورة تاريخية قلما تتكرر. إننا نتفاخر بك يا سلطان الخير ميتاً كما كنت حياً عشت لنا مشرفاً في المحافل والزيارات والمؤتمرات واللقاءات. وكنت كذلك أباً حنوناً عطوفاً مشفقاً على أبناء وطنك تتلمس احتياجاتهم وتقضي طلباتهم تتعهدهم برعايتك وحدبك وحنوك وحنانك. كم من الأرامل واليتامى والأيامى عاشوا في كنف يديك تعينهم وتساعدهم ولا يعلم بذلك إلا الله عز وجل تبغي رضاء وجه ربك. وكأنك تمتثل لقوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا}. أنت يا أبا خالد الذي زرعت في نفوس المواطنين محبة الوطن بحبهم لك ولولاة أمرهم. وأنت الذي أسست للعمل الخيري وشجعت المبادرات الإنسانية. وأنت الذي تعهدت بنفسك ومالك بتشجيع حفظة كتاب الله من العسكريين وغيرهم. وأنت الذي تخطو خطواتك لكل خير وبر وإصلاح. وأنت يا أبا خالد كنت خيرا وإصلاحا. وأنت يا أبا خالد كنت خير قدوة وأنموذج لهذا الوطن. وأنت أيها الراحل أبقيت في ثنايا الكبار والصغار محبتك. ليتك يا أبا خالد تعود لترى تلك الوجوه التي ضاقت بها الدنيا حزناً على فراقك ووداعك. ليتك تعود لترى أثرك على الحي والجماد والشجر والحجر الجميع نالهم إحسانك وطالهم خيرك وجودك. ليتك تعود يا أبا خالد لترى زرعك الذي غرسته في محبة الناس لك وبكائهم عليك وقلوبهم التي تتقطع ألماً لفراقك. ليتك تعود لتشاهد الوطن متوشحاً بالسواد حزناً على فراقك أيها الحبيب. ليتك تعود يا أبا خالد والوطن يبكي دماً على فراق ابتسامتك الصادقة ومحياك الجميل. ليتك تعود لتشاهد اليتامى الثكالى ضاقت بهم السبل حزناً على فراقك. اللهم إنا نشهدك أن عبدك سلطان بن عبدالعزيز قد أدى الأمانة ونصح الأمة بذلك في سبيلك خدمة لدينك وكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم. اللهم تقبله مع عبادك الصالحين وارفع منازله في عليين ويسر حسابه وثقل موازينه واجزه خير الجزاء على ما قدم واجمعنا به في جناتك جنات النعيم. فاكس: 014645999