من الشعراء الذين أبدعوا في الساحة الشعبية وقدموا لنا قصائد فذة تحمل الكثير من الحكم والمعاني الجميلة، الشاعر الكبير صالح بن عبدالرحمن الصالح الأسعدي العتيبي، المولود في محافظة الزلفي، الذي أبدع أيما إبداع في نظم القصائد المليئة بالمفردات الرائعة والأبيات الفريدة، وقد ألّف الشاعر كتاباً ضم الكثير من القصائد سماه (ديوان من أرض الواقع)، الذي يحوي الكثير من القصائد في شتى الفنون ومنها المساجلات، ويبدو -والله أعلم- أن سبب التسمية هو محاكاته في كثير من قصائده للواقع الذي نعيشه حينما سخر قلمه وفكره لكتابة قصائد تحكي واقع الكثير من الناس، فهو يكتب بفكر راق وعقلية متميزة، ففي قصائده نجد حضور الصور البلاغية وأبيات تنطبق على فئام من الناس في طبائعهم وتصرفاتهم في كل ميادين الحياة، ورغم أن عمره تجاوز الأربعين بسنة، وهذا ليس بالكثير إلا أنه في قصائده جمع بين الماضي والحاضر ويبدو للقارئ لقصائده والمتابع له أنه أكبر من ذلك، نظراً لكثرة مخالطته لكبار السن فقد كان من الملازمين لوالده -رحمه الله- وللكثير من كبار السن ممن لديهم خبرة في الحياة ويملكون ثقافة عالية في مجال الأدب الشعبي، وهذا يتضح لنا من خلال ديوانه المتميز الذي سأعرض منه بعض النماذج الشعرية من خلال أبيات سأختارها حسب اجتهادي من قصائده الرائعة الموجودة في هذا الديوان الفريد لشاعر مجيد، وإن كانت كل أبيات قصائده رائعة ولكن لضيق الوقت والمساحة سأختار بعضاً منها كشواهد ودلائل على شاعريته وإبداعه في نظم القصيدة التي تستحق الإشادة بما تحتويه من حكم ونصائح ومفردات. يقول شاعرنا القدير في هذه الأبيات من إحدى قصائده التي قالها في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود: وشرعت بيبان المعاني والأشعار واهديت من بنك الطرايف قصيده للعاهل المقدام والوالد البار زيزومنا وقت الليالي الشديده حاكم حكيم ابعيد نظره وبيطار كان الحديده طق راس الحديده معروف أبو متعب كما ضلع سنجار مواقفه وقت اللوازم عديده ونظرات عطفه كنها الغيث مدرار ردة على المشتان روحٍ جديده بالماقف المشهود والناس حضّار أعلن بها التلفاز قبل الجريده ومن القصائد التي قالها في ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود اخترت لكم هذه الأبيات من إحدى قصائده: جا للقريحة في خيالي مهاذيب وامر القريحه في يديني زمامه بالمجد والتمجيد صغت الهناديب للي يشرف بالمواقف مقامه أبو اليتامى بالطلب والمطاليب أمورهم يلقي عليها اهتمامه بحر الندى سقم العدا لا عوى الذيب يا سعد من هو بالمواقف حزامه سلمان ابن من عذب الضد تعذيب عبدالعزيز الليث راع الزعامه أضفى على شبه الجزيره جلابيب الأمن والإيمان حصل وسامه وانهى الجهل مافيه شكٍ ولا ريب وأسس صروح المجد واصل الفخامه تنشر له البيضا بروس المراقيب هذا كلام الطيب مسكٍ ختامه ومن قصائده في الحكمة اخترت لكم هذه الأبيات الجميلة: يا أهل القصيد اللي تعدونه قصيد الصمت حكمة والإشارة كافية لو معكم اعقولٍ تفيد وتستفيد صرتوا على حد الخيام الدافية إلى أن قال: وأهل العقول أمسوا على الراي السديد شدوا وردوا بالسدود الخافية عسى قتيل الشعر إليا شيّع شهيد فصّلت للمعنى ثيابٍ ضافية بعض القصايد مابها شيٍ جديد كلام مستهلك ووزن وقافية وفي قصيدة له عن آداب المجلس اخترت لكم هذه الأبيات: المجلس لي له آداب وحقوق وسلوم حنا عرب والعلم أقوله واثنيه لاحظت حاجة تدعي الشوم واللوم وشلون أبو عشرين ويمد رجليه هذا خطا يحتاج وقفة وتعلوم في ساعة ياللي صدى العلم توحيه بعض المجالس يدهله كل شغموم والمشكله مابه سواليف تحييه إما علومٍ تنتهي كنها حلوم وإلا مزوحٍ جوهر العقل تطفيه ياهل العقول الناضجة صحو النوم وابختم الأبيات في بيت تنبيه بعض المجالس بالرجاجيل مزحوم وكلٍ سواليفه مع اللي يواليه وعن الكذب اخترت لكم هذه الأبيات الجميلة من إحدى قصائده: الباب مفتوح مار الكذب مبغض والصحيح محبوب قال المثل كل كلمة تستحي من نطقها بدها ترى التجارب فوايد لكن الما ياعرب مايروب لو كان مزح الأوادم هالسنة سيطر على جدها يالجاهل اللي تشبث في حبال الكذب ترى الكذوب لابد من ساعة نفسه تبي تاقف على حدها بعض السوالف تعود بالنهاية من نصيب الهبوب اتهب فيها الهبوب وتنتهي لارحم أبو جدها وفيه هذه الأبيات الجميلة يدعو الشاعر كل لبيب لفتح أبواب الصراحة والبعد عن المجاملة: يالبيب القلب لو ضاقت على الرجل المساحة مالكم غير الصبر لو شفت التلاعب والمهازل اسند الشكوى على الله وكسب الراحة رباحه وكان فكرك مع بريد الهم ياطالع يانازل قفل أبواب المجامل وافتح أبواب الصراحة واعرف إن الآخرة مافيه حيلات وتنازل لاتغبط اللي كلا أموال اليتامى بالشفاحة لو يعمر له محلات كبيرات ومنازل للذكي حطيت رمز وللغبي فيه استراحة انقد المعنى واسوي له تصاريف وعوازل من يحب الخير أكيد إنه محب للنصاحه من بغى من نجد مكه يحرم بقرن المنازل يسلم العقل السليم ويسلم إلسان الفصاحه ليت في حظّ يدورج لو على اعصي ومغازل ومن المساجلات التي كانت بينه وبين مجموعة كبيرة من الشعراء منهم: أحمد الناصر الشايع، وعبدالله بن عون، وغازي بن عون، اخترت لكم بعض الأبيات من مساجلة بينه وبين الشاعر الكبير أحمد الناصر الشايع، يقول الشاعر صالح الناصر: قبل ندخل بالقضية ودي أنطق لي عبارة تسلم ايمين الكريم وتسلم ايمين الشجاعي القضية حلها من دون شرع ودون إماره بيننا ياللي تعرفون الثنيه والرباعي يا أحمد الناصر يازين العلم الأبيض في مساره كلمةٍ بيني وبينك جالها موجب وداعي والله إن الحر يا رجال تكفيه الإشاره الوعد مثل العهد من دون هوش ولا نزاعي وأنت والله ثم والله رفقتك عندي تجاره ورفقة الطيب سواتك تنشري ولا تباعي ورفقة الخايب وابو وجهين منقود وحساره ضايع ويدل غيره مع طريقه للضياعي يقطع الله كبد مافيها على الرفقه مراره جعلها يا صاحبي تسقى من اسموم الأفاعي والسلام ختام وانته معك رخصه واستماره لك سموع ولك عيون وقلب يا رجال واعي وهذه بعض أبيات قصيدة الشاعر أحمد الناصر الشايع الذي رد بها على الشاعر صالح الناصر: حجة الغايب معه ومن اعتذر قبل اعتذاره مايضيقن النفوس ولا الدروب اللي وساعي وانت عندك لاتعلم بالثمانين الحراره والهروج الضايعه مثل الهمل من دون راعي صابرٍ بالحق دام الحق من جارٍ لجاره لو نجيبه دين يا صالح من البنك الزراعي والسعادة حظ وإلا العرف والمعنى شطاره لو رضاك بعيد أسافر له على النقل الجماعي وسع الخاطر ولابه كسر يحتاج الجباره دايم العاقل وسيع ابطان ماهوب اندفاعي اعتذرت من الرفيق وزبدة الهرج اختصاره إن عذرني كثر خيره وإن ومر بأمره مطاعي قصةٍ جت مع رفيقك غصب من غير اختياره سالفة ومخالفه وما ودنا الهيّن يذاعي ختاماً: أرجو أن أكون قد وفقت في تقديم هذه المقتطفات عن شاعرنا المبدع من خلال ديوانه الرائع (من أرض الواقع)، مذكراً القارئ الكريم بأن للشاعر دواوين صوتية هي: (الرفاقة، نشامى، دلايل، عطر المسامع) وقصائد كثيرة نشرت عبر الصحف ومنها صحيفة «الجزيرة»، ومشاركات في بعض القنوات الفضائية إضافة إلى التلفزيون السعودي والكويتي.