ألا يا الله المعبود يا عالم الخافي ويامن له التدبير بالنون والكافي تعاليت يا من هو على عرشه استوى وتباركت يامنزل تبارك والاعرافي بك آمنت وبما انزلت على نبيك كتابٍ لمن يفهم هو الشافي الكافي عليك اتكالي لا على غيرك أعتمد وانت الذي يرجى ثوابك وتنخافي فيا مرجعٍ موسى إلى أمه وجاعله رسولٍ الى قومٍ وسيعين الأطرافي ويا مخرجٍ ذا النون من غبة البحر أجبته وعاد من الصواديف متعافي ويا مبصر يعقوب من بعد ما فقد شوفه وحين ألقى عليه السلب شافي ويا مخرجٍ يوسف من السجن سالم وابطلت كيد اللي نووا فيه الاتلافي أنا عبدك الجاني ذنوبي كثيره وانت الغفور وقولك الصادق الوافي انا اللي ضعيف الجسم والشوف والجهد والاعمال من عندي قليلات واضعافي اسالك لكشف الضر عني وكربتي قريب الفرج انت الذي للمرض شافي واسالك من الجنة ولذة نعيمها وانهارك اللي فيهن المشرب الصافي واسالك كتابي في يميني يمد لي الى وضع ميزان العداله والانصافي واسالك تبشرني بمرضاة وجهك عن اللي جنيت من الخطايا والاسرافي أنا عارف ما قدم العبد يا جده اذا زلزلت فيها الدلايل والأوصافي فلا همني دنيا سريعٍ زوالها إليك ألتجي وأرجي بها سترك الضافي متاع الغرور ولو لأهلها تزخرفت كفى الله حوادث شرها والله الكافي غضبها قريبٍ من طربها ولو صفت يجي ما يكدر صفوها لين تنعافي الى صار هذا شانها كيف أحبها وانا معطيٍ عنها وعن مابها قافي سمح خاطري منها ولا عاد لي بها ولو زخرفت للناس من كل الاصنافي ختام الكلام افضل صلاة على النبي عدد من سعى بين الحصاتين واطافي الشاعر ناصر بن عبدالله الفايز الناصري التميمي وكنيته (أبو علي) ولد في بلدة نفي عام 1333ه ورحل إلى جدة عام 1373ه وانتقل من جدة إلى الرياض عام 1382ه واستقر بها أصدر له ابنه إبراهيم بعد وفاته ديوانا شعريا ضم فيه قصائد الشاعر، توفي رحمه الله في 21/5/1403ه بعد مرض عضال دام خمس سنوات. يقول عنه ابن خميس - رحمه الله - "من الجيل النابه الذي ترك في مجال الأدب والشعر والرواية وجودة المحفوظ وصحته وإتقانه ما هو القدوة والأسوة.. كان إلى جانب شعره وأدبه وروايته سمح الخلق نقي السريرة براً وفياً". مناسبة النص جاء في تقديم النص أن الشاعر قالها أيام مرضه الذي أقعده مدة طويلة. دراسة النص اعتمدت على ما جاء في ديوان الشاعر الذي جمعه ابنه إبراهيم بعد وفاته وقدم له ابن خميس - رحمه الله - وقد جمع فيه القصائد التي وجدها ضمن أوراق الشاعر - رحمه الله - ويبدو أن هناك نصوصاً أخرى للشاعر لم يضمها الديوان، ومن ذلك هذه الأبيات التي أفادني ابنه إبراهيم بأنه وجدها فيما بعد مكتوباً عليها قصيدة لم تكتمل، ولم يسبق نشرها يقول فيها: الرزق لابن آدم من الرب ماهوب ولابه حدٍ ياخذ نصيبه نهابه إلى نواه الله برزقٍ فلا هوب راع الحسد ياقف على جال بابه ولا هوب قل المال للرجل عذروب إلى صار من عيبه نضافٍ ثيابه العيب بالتجنيب عن كل ما جوب يوم الردي ياطا الدنس ما يهابه فيلاحظ أن الشاعر امتاز بأسلوب السهل الممتنع الذي يقول عنه ابن خميس: "يبدأ القصيدة سهلة منقادة ولم يزل بها يعلو ويعلو حتى يبلغ القمة في السمو والتآتي.. وهو من طبقة الشعراء ابن شريم، والمجماج، وابن عويويد، ورضا، وابن سبيل.. بينه وبين هذه الطبقة مساجلات ونقائض وشكايات وجد وعلالات غرام.." وفي هذا النص الذي بين يدينا يتناول الشاعر غرضاً من أغراض الشعر وهو (التضرع إلى الله) الذي تميز فيه شعراء أدبنا الشعبي في الجزيرة العربية، ويدل على رسوخ القيم الدينية في المجتمع، وارتباط المخلوق بالخالق عز وجل، فجاء النص الشعري من أوله إلى نهايته يمثل دعوة مؤمن بالقضاء والقدر خاضعاً متذللاً بين يدي الله سبحانه وتعالى، يرفع له أكف الضراعة أن يكشف عنه الضر ويرزقه الجنة، فالدعاء سنة الأنبياء وقد امتدحهم الله بذلك في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ بل إن الله عز وجل يحث خلقه عليه {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ففي الدعاء سبب عظيم لكشف البلاء قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ومن هذا المنطلق بدأ الشاعر قصيدته حامداً لله ومثنياً عليه ومثبتاً العبودية والخضوع لله سبحانه وتعالى، الذي اختص بعلم الغيب وبيده تدبير الكون راجياً رحمته التي وسعت كل شيء، فقد ردت موسى عليه السلام إلى أحضان أمه طفلاً، وجعلته رسول الله إلى فرعون وقومه، وأخرجت ذا النون من بطن الحوت في ظلمات البحر، وردت نعمة البصر على يعقوب عليه السلام، وأخرجت يوسف عليه السلام من غياهب السجن، وهنا يعترف الشاعر بقلب مؤمن خاشع منيب لله وملح في الدعاء بطلب العفو والمغفرة من الله الغفور، فقد وهن جسد الشاعر وضعف بصره ويسأل الله أن يكشف عنه الضر ويفرج كربه، ويكتب له الشفاء من المرض، وألا يحرمه الجنة ولذة نعيمها، وان يجعله ممن يعطى كتابه بيمينه، وان يتجاوز الله بعفوه وغفرانه عن خطايا الشاعر وذنوبه فلم يعد له طمع في الدنيا ومتاعها الغرور. ناصر بن عبدالله الفايز