عندما يتطلّب اتخاذ القرارات في الشركة عدداً كبيراً من الاجتماعات، واللجان، والإعلانات، إنما عدد قليل جداً من الاتفاقيات الصعبة والسريعة، أطلق على ذلك تسمية «دوران القرارات»، إذ تتنقّل القرارات في أرجاء الشركة، صعوداً ونزولاً ضمن الهرم المؤسسي وعلى امتداد المصفوفة، فتتبدّل تفاصيلها مع تدخّل أصحاب المصالح المختلفين. وغالباً ما لا تتمثّل المشكلة بالعجز عن اتخاذ القرارات - بل بالميل إلى تجنّب الخلافات. لماذا لا يشارك المديرون في مناقشات بريئة، ويتخطون فوارقهم ويتوصلون إلى اتفاقيات؟ ألا يُدفع لهم المال لتحقيق هذه الغاية؟ للأسف، ليس الأمر بهذه السهولة، وذلك لسببين: أمّا السبب الأول، فيتمثّل في الرغبة الإنسانية لدى المديرين بأن يكونوا محبوبين، فهم يريدون التوافق، ويودّون أن يظهروا على أنّهم مشاركون في فريق العمل، وبالتالي، وحتى لو لم يوافقوا على أحد الأمور، غالباً ما يكبحون جماحهم ويتجنبون الإعراب عن مشاعرهم بالكثير من الصخب، لتجنّب الدخول في شجار، أما السبب الثاني لتجنّب الخلافات، فهو أن عدداً كبيراً من المديرين يفتقرون إلى المهارات التي تخوّلهم المشاركة فيها بشكل بنّاء. ولعل السبب يعود إلى المسائل النفسية الموصوفة أعلاه، حيث إن هؤلاء المديرين ليسوا متمرّسين بما فيه الكفاية في حلّ الخلافات، وبالنتيجة تنقصهم بعض الأدوات الأساسية الضرورية للتطرق إليها بإيجابية، كأن يرصدوا قواسم مشتركة ويركزوا على المشكلة بدلاً من الشخص، وإن أردتم وضع حد لدوران القرارات، إليك خطوتان يمكن أن تتخذهما: أولاً اجمع فريق عملك، أو مجموعة من الزملاء، وتحدّثوا عما إذا كان دوران القرارات يسبب مشكلة، وإن كان الأمركذلك، ناقشوا بعض الأمثلة، وتحدثوا عن تأثيرها وعن تداعياتها في الشركة، وفكّروا في ما إذا كانت هذه الأمثلة منفردة، أو إن كانت تدخل تشكّل نمطاً متكرراً، وابحثوا في ما ستقوم عليه النتيجة إن تم التقليل من دوران القرارات، أمّا الأهم فهو تطوير إدراك للحاجة إلى إجراء تحسينات. ما إن يتفق الجميع على أنّ معالجة مسألة دوران القرارات تستحق العناء، اعمل مع زملائك على تطوير قواعد أساسية لإدارة خلاف بنّاء، بما يشمل منح كل شخص دقيقتين لمشاركة أفكاره، وتذكير الجميع بأنّ اختلافات الرأي ليست تهجّماً على شخص أيّ كان، وتحديد وقت للنقاشات. لا يمكن أن تتكبّد الشركات ثمن ترك دوران القرارات من دون حلّ، لكنّ تقليص حجم هذا الدوران يتطلّب فهم المديرين لضرورة خوض الخلافات بدلاً من تجنبها.