في كل يوم يكتشف العالم من التقنيات الجديدة التي تسهم في تطوير العالم والذي يساعد على إنجاز العديد من المهام في مدة زمنية قصيرة، ومن خلال جهد أقل ومن هذا المنطلق يستطيع الفرد في أي مجتمع أن يقدم العديد من الإنجازات نتيجة استخدامه تلك التقنيات بالشكل الصحيح في مدة زمنية قصيرة، ولكن للأسف أصبحت الكثير من تلك التقنيات وبالاً على الفرد ليس لأنها تقنيات سيئة، ولكن لأن من استخدمها أساء استخدامها في تحقيق الفائدة التي أعدت لها؛ فعلى سبيل المثال تقنية البلاك بيري أو الواتس أب كان الهدف منها تقليص الوقت وسرعة التواصل والتقليل من استنزاف الأموال للفواتير التي تصدر، ولكن ما بالنا ونحن في كل مرة نتعامل مع تلك التقنية بشكل سيئ أكثر من السابق، فأصبح الهدف الذي يرجى من تلك التقنيات مطموساً بلا أثر يذكر حتى أنه تعدى ليكون سبباً في قطع جسر العلاقات الاجتماعية؛ لأن الكثير وللأسف أضاع وقته أمام تلك التقنيات وتلك البرامج دون فائدة، وحتى لو أنه حضر تلك الرابطة الاجتماعية نجد أن الذهن مع تلك التقنية أما الجسد مع الحاضرين والأدهى من ذلك حين تكون الأسرة مجتمعة وهي تحت سقف واحد معقتدا أنها لا تزال محتفظة بقيم الروابط الاجتماعية وهي في الأساس بدأت تنتزعها لتقتلعها من جذورها، وبعدها يبدأ التذمر والشكوى تجاه السلوكيات التي تصدر من الأبناء، فأصبحت الأسرة غالبيتها منشغلة في معظم وقتها أمام تلك التقنيات حتى أن عذرهم الوحيد أصبح هو أنه لا يوجد ما نتكلم عنه على الرغم من أنهم لو سخروا جزءاً كبيراً من وقتهم مع بعضهم دون معوقات تعيق اتصالهم سوف يجدون ما يتحدثون عنه وبكل استمتاع، فأصبح في الغالب كل فرد من افراد الأسرة ممتلكاً لجهاز أو أكثر ثم تبدأ رحلة المتابعة الأبوية في الغالب تنقطع أمام متابعة أبنائهم وما يقومون به أمام تلك التقنيات لساعات طويلة، ولو أننا بدأنا في رحلة بحثية عن الأسباب التي تكمن وراء شراء تلك الأجهزة للفرد الواحد وعدم الاشتراك بها بين الأسرة الواحدة لوجدنا أن أحد الأسباب هو تحقيق الوجاهة الاجتماعية أكثر من الحصول على الفائدة المرجوة من هذا الجهاز أو غيره من الأجهزة، ثم تبدأ الاسرة بلغتنا العامة (حرام ولدي ما معه وولد فلانة معه) ثم يبدأ الأبوين بشراء الجهاز بشكل فوري حتى يقال عن طفلهم (كشخة معه آيباد) ثم ينسى دور المتابعة للطفل وتقييم مدى تعامله مع تلك التقنية التي تم شراؤها له، وكيفنه أحسن استخدامها فانعكس هذا بشكل إيجابي أو سلبي على تحقيق كينونته الشخصية فهو امتد وللأسف لينحى منحى التقليد الأعمى أو كما يقال: (مع الخيل يا شقراء) فعلى سبيل المثال بعد ظهور العديد من المحترفين في استخدام كاميرات التصوير على اختلاف أنواعها لتنمية مهاراتهم وتطوير قدراتهم ليبدأ في المقابل ظهور من لا يتقنون استخدامها بشكل هائل جداً فقط لمجرد التقليد الذي أصابهم فأصبح كالداء الذي يستشري في الأجساد، كما حدث في العديد من البرامج والتقنيات السابقة والتي أصبحت لا ترى لانهم وجدوا طريقاً آخر في التقليد، فما أن تنتهي هذه إلا ويبدؤون في مسايرة مجموعة أخرى، ولا ننسى كذلك أن تلك التقنيات نعمة ربانية عظيمة لا بد من أن نحسن استخدامها، كما يفعل الكثيرين من أجل تحقيق أهدافهم التي رسموها لأنفسهم من خلال تلك التقنيات كنشر الدين أو بناء مشاريع جديدة أو سهولة التواصل مع الآخرين او من أجل طلب العلم عن بعد وغيرها من الفوائد، فالجيل الجديد أصبح في غالبه جيلا منعزلا بشكل شبه كلي عن الآخرين في هذا العالم الافتراضي الذي جعل من نفسه شخصاً ملازماً لتلك التقنيات ليلاً ونهاراً، في يقظته وعند نومه، تحت مخدته وبجوار سريره يتفحصها ويرد على هذا وذاك عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين اليقظة والأخرى.