قال تعالى: {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (72) سورة التوبة. إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا أمي لمحزونون والحمد لله على قضاء الله وقدره وإنا لله وإنا إليه راجعون. محمد صلى الله عليه وسلم قد دمعت عيناه وحزن قلبه على فراق ابنه إبراهيم وقال: إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع ولا تقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون. إنه فقد الأحبة شاءت أم أبت العين فلا يمكنها أن تحبس دمعها ولا يمكن للقلب أن يمنع حزنه وأن يظهرها على وجه صاحبه. ليلة الاثنين الثالث والعشرين من شهر جمادى الأولى لعام ألف وأربعمائه وخمسة وثلاثين للهجرة الشريفة انتقلت أمي إلى رحمه الله إثر معاناة من المرض، كم عانيتي وتحملتي وصبرتي رغم ابتلائك بالمرض إلا إنك صابرة ومحتسبة لم أسمعك شاكية ولا متباكية ولا ساخطة من أمر وقضاء ربك أبداً بل كنتِ راضية ومحتسبة الأجر من عند الله، رغم المرض لم يمنعك من الصيام يومي الاثنين والخميس من كل شهر، رغم المرض والألم لم يمنعك من التواصل مع الناس وحضور الندوات الإسلامية يومي الأحد والاثنين، أمي لقد كنتِ. نعم الأم الصابرة والمحتسبة فقد كنتِ بالنسبة لي الأم والأب معاً..! كم كان موقفاً عصيباً جداً ونحن واقفون أنا وإخوتي ننظر إليك ممدة على السرير وقد فارقت روحك الطاهرة جسدك لم أصدق عيني وقد فجعنا بفقدك، إنها اللحظة الأخيرة التي أراك فيها دون حراك ودون كلام..! موقف عصيب جداً لم أستطع تحمل الموقف.! أناديك.. أمي ..أمي.. هل تسعمينني فلم تجيبي، لقد انحنيت مقبلاً جبينك ومقبلاً قدميك الطاهرتين، تحاملت على نفسي واتخذت من رباطه الجأش طريقاً...! ولا حول ولا قوة إلا بالله. إنها الحقيقة التي لم أصدقها وكأنها حلم عابر أو ومضة سراب قد لاحت أمام عيني، بفقدك فقدنا النور في البيت...! الكل يتذكرك بالخير يا أمي وهذا المكسب الحقيقي وهذه هي الحياة الباقية للإنسان، يا أماه، كم كنا نسعد حين نراك ضاحكة ومستبشرة بالخير دائماً، يا لها من لحظات لا يمكن أن تنسى.. لا يمكن أن تمحى من الذاكرة ما دمنا أحياء ورغم ما قد سببنا لك من تعب وآلام كنتِ صاحبة القلب الكبير المسامح عن زللنا وأخطائنا، وكم غفرت لنا من تهاون في أداء حقك، والوفاء بواجباتك. أمي لا تزال ذكراك وروحك جاثية على صدري من سيقوم بالدعاء لنا من بعدك يا أمي، من سيتذكرنا من بعدك ومن سيسأل عنا..؟، كم هي مؤلمة تلك الذكريات، لازلت أفتأ أتذكر الأيام الأولى من حياتي وحتى آخر يوم في حياتك، كم هي سريعة تلك الأيام تمضي غير مدركة ولا تأبه ما قد سببته لنا من حزن..! فعلى قدر حزننا الكبير ومصابنا الجلل إلا أننا لا نقول إلا ما يرضي ربنا والحمدلله على قضائه وقدره، أنها سنة الله في خلقه قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (57) سورة العنكبوت. إن أهلك ووالديكِ وزوجك ينتظرون قدومك في جنات النعيم بإذن الله وجمعني الله بكم بوسط الجنة إنه جواد كريم والحمدلله رب العالمين.