تستحق القرارات الأخيرة التي أصدرها مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم في اجتماعه الأخير اعتبارها (تاريخية)، وانتظار وتوقع أن تكون نقطة تحول أو (دوار العودة) بالكرة السعودية إلى طريق صحيح أفضل وأقل خطورة من (عقبات) السقوط و(حفريات) التعثر التي تسير فيها، وتستهلك الوقت والجهد، وتشتت الانتباه والتركيز، وتقلل الإنتاج، وتضعف الجهاز وتهريه. القرارات قدمت لنا تعاملاً عملياً وإيجابياً من قِبل مجلس إدارة الاتحاد مع الاعتراض والنقد وقبول الآراء والاقتراحات. وأحسب أن من أهم دوافع بعض جملة القرارات والتعجيل بإطلاقها هو مواجهة (المطبات الاصطناعية) التي ظهرت بوضوح أمام المجلس خلال الفترة الماضية من العمل منذ استلام الاتحاد، والرغبة في تجاوزها وإضعافها، وقد أظهرت استيقاظاً وانتباهاً ودقة في المتابعة بل (تكتلاً)، تركُه يتنامى أو تجاهُله قد يؤدي إلى تعطل قرارات وأعمال، أو يُحدّ منها، أو يشوهها على الأقل، إن لم يعصف بالاتحاد، حتى وإن كان القصد أو الحجة بل المبرر والهدف المعلن هو الإصلاح والتعديل ومستقبل اللعبة. والنتيجة هي أن الالتقاء الذي حصل يحسب للطرفين ولا شك، ويؤكد التقاءهما على طريق العمل لصالح ومستقبل الكرة السعودية. ما حدث يُظهر جانباً آخر لثقافة الرياضة أو الكرة السعودية التي قدّمت من قبل، وفي مناسبات عديدة، إشارات مضيئة لتطورها وحضاريتها. ومن ذلك على سبيل المثال ما قدمته في الانتخابات (الديمقراطية) التي جرت في شهر ديسمبر من العام الماضي، وجاءت بمجلس الإدارة الحالي عبر صناديق الاقتراع. وها هو شاهد آخر على هذا الفعل الحضاري الكبير، تظهره المعارضة والجهاز الرسمي معاً بوعي كبير. إنني شخصياً أحتفي بقرارات الاتحاد هذه؛ لأنها تؤمّن على مقولتي أكثر من مرة بأن هذا المجلس الذي يتكون في أغلبيته من إداريين رياضيين (متمرسين) ولاعبين سابقين (نجوم) كبار، يُعتبرون (أهل اللعبة) وخريجي (كارها)، إذا لم يستطع بشخوصه الحاليين (النهوض) باللعبة وكرة القدم السعودية ومنتخباتها، أو رسم مسار عودتها خلال فترته، فعلينا ألا ننتظر في المستقبل القريب مجلساً يستطيع فعل ذلك، سواء جاء بالانتخابات أو بالتعيين، بل قد نحتاج إلى أعضاء مستوردين أو من كوكب آخر. كلام مشفر * تجاوز اتحاد كرة القدم أهم مطب (المعارضة) بقراراته وتوجهاته الأخيرة، وبقي أن يتجاوز (قوة) الأندية بعمل وآلية عمل لجانه المختلفة وقراراتها التي تقوم على العدل والإنصاف، ووفق لوائح لا تكيل بمكيالين. * من أهم القرارات أو الخطوات التي كان فيها (اعتراف) ولو بطريقة غير مباشرة، وقبول للنقد، هو (اعتماد هيكلة) جديدة للأمانة العامة للاتحاد، ودعمها بكفاءات عالية ومؤهلة، وذلك يتماشى مع الآراء والمطالبات بتغيير أسلوب العمل في الدينمو أو الجهاز المحرك والقلب النابض للاتحاد، وانتشاله من النقص والضعف الكبيرَيْن. * من قرارات الاتحاد الاستراتيجية المهمة قرار وضع سقف أعلى لرواتب اللاعبين، مع وضع حافز إضافي للاعب الذي يتطوَّر مستواه. ولهذا القرار كثير من الأهمية والنظرة الإيجابية. وكنتُ أتمنى أن يشمل القرار إقرار (تخفيض) رسمي للاعب الذي يهبط مستواه في أي وقت من الموسم الرياضي من غير مبررات. * من القرارات المفرحة إعلان إيجاد مراكز لرعاية اللاعبين الشباب، يتم التركيز فيها على المراحل السنية، ووضع ضوابط لها. غير أني لست مع فكرة أن تكون البداية مع الأندية المحترفة، وهي أندية استقطاب وليست أندية إنتاج. وإذا كان الاتحاد يريد أن تصرف تلك الأندية على المراكز فهو يجهض الفكرة قبل أن تبدأ. * أستغربُ تخوُّف البعض من قرار الاتحاد السماح للاعبين مواليد المملكة بالمشاركة مع أندية ركاء، واعتقادهم أن ذلك سيكون تعريفاً بهم و(تفريخاً) لدول مجاورة، متجاهلين الاستفادة الفنية والمادية مستقبلاً منهم لصالح الأندية التي تقدمهم؛ إذ يسجل اللاعب رسمياً ببطاقة دولية في الفيفا عبر الاتحاد السعودي لكرة القدم، يمتلكها النادي السعودي. والنظرة أعمق مستقبلاً بأن تتجاوز إفادتهم للأندية إلى الأرض التي وُلدوا فيها واحتضنتهم ورعتهم وقدمتهم. * أمس بدأت الجولة الرابعة من دوري أبطال آسيا، وهي جولة حاسمة للفرق الممثلة للكرة السعودية، إما العودة أو الإبقاء على بعض الأمل. وآمل ألا يكون هناك خروج لأي من الفرق الأربعة التي تملك القدرة والطموح، وتستطيع مستقبلاً إحداث الفارق والمضي بعيداً، إذا تجاوزت الخطر المحدق بها حالياً. * أخيراً.. أقول ألف ألف مبروك لأصدقائي وقرائي النصراويين بطولة الدوري التي حققها (العالمي) بجدارة واستحقاق بعد أن سيطر على المشهد، وتزعم الترتيب منذ وقت مبكر، وحافظ على موقعه، وواصل تحطيم الأرقام حتى النهاية؛ ليصبح البطل المتوج الذي أسعد جماهيره، وأمتع المتابعين المحايدين.