أعجبتني فكرة رائعة لطالبات (جامعة زايد)، بكتابة نحو (50 قصة) من حكايات الموروث الشعبي، جمعتها الطالبات من أمهاتهن وجداتهن، بهدف توثيقها وحفظها بصيغ مختلفة للأجيال المقبلة! القصة لم تتوقف عند مجرد الجمع والحفظ، بل إن الأفكار المطروحة للطالبات تتضمن توثيقاً صوتياً لهذه الحكايات عبر تسجيل أحداث القصة وبثها إذاعياً، وكذلك تقديم لوحات فنية ومعارض لتجسيد بعض الشخصيات والأحداث والمناطق، وتخيل تفاصيل دقيقة لبعض الروايات و(الحواتيت) أو (الخراريف)، وتستعد الفتيات الآن لإصدار كتاب يجمعن فيه كل هذه القصص الشعبية بطريقة السرّد أو الراوية! كل المجتمعات الإنسانية العربية والغربية والأجنبية بشكل عام لديها روايات وأساطير شعبية، تُنقل بتجرد مهما حملته من (تخاريف) أو وصف يصل أحياناً إلى حد المبالغة أو الخرافة، ولكنها جزءٌ من الثقافة يجب تقبلها والتعايش معها كحقيقة تنقل عن عصور ماضية، فمهما تطور المجتمع تبقى (الأسطورة) أو الرواية فاعلة ومؤثِّرة خصوصاً عندما تروى للصغار بلسان الأمهات أو المعلمات غالباً! لدينا تجارب نفتخر بها لجمع (الأدب الشعبي) وتوثيقه، وهناك أشخاص بذلوا جهوداً جبارة وكبيرة لا تُنكر مثل عبد الله بن خميس وعبد الكريم الجهيمان - رحمهما الله- وغيرهما، وهناك من ينقل ويروي الآن مثل محمد الشرهان، ولكن نحن بحاجة إلى أدوات عصرية، حفظ وتوثيق بعض الروايات والقصص الشعبية بتجرد، ودون تحيز لمنطقة أو شخصية أو ثقافة، فما تحمله ألسن الناس هو الأدق والأكثر حاجة للتوثيق كما هو، فهي أحداث سابقة لعصور ماضية وحياة بائدة! الجميل في فكرة (طالبات جامعة زايد) أنها حركة ثقافية نسوية بامتياز وتستحق الإشادة، وتغري بتطبيقها بنسخة سعودية، لأن النساء أقدر على جمع مثل هذه القصص الشعبية وروايتها وحفظها وإعادة صياغتها بقوالب وطرق مشوِّقه أكثر من الرجل، فهن يستطعن الوصول (للعجائز) من الأمهات والجدات حفظهنّ الله، وهن الكنوز لمثل هذا المحتوى القيّم، كأكثر المصادر حفظاً وتوثيقاً لمثل هذه الأساطير الشعبية! أرجو أن تخصص (جامعة نورة للبنات) - وهي أكبر جامعة بنات في العالم- جزءاً من نشاط طالباتها لمثل هذا العمل الثقافي المهم! وعلى دروب الخير نلتقي.