هذا الوصف الصادق للمتهورين في قيادة السيارات أطلقه الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس إدارة الأطفال المعوقين عندما أسماهم ب»إرهابيي الشوارع». حقاً هؤلاء هم «إرهابيو الشوارع» الذين يزرعون الموت بشكل عشوائي وعبثي ويحصدون آلاف الأرواح في شوارع مدن وقرى المملكة كل عام. تقول الإحصائيات التي نُشرت خلال الحملة التوعوية «يعطيك خيرها» التي أطلقتها جمعية الأطفال المعوقين بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور إن عدد الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية في عام 1433 بلغت نحو 7000 حالة وفاة، أي بمعدل عشرين حالة وفاة يومياً. وتصل نسبة المعوقين بسبب الحوادث المرورية إلى أكثر من ثلاثين بالمائة من المصابين المنومين في المستشفيات. المحزن هو أن نسبة الوفيات بسبب الحوادث بين الشباب ممن تتراوح اعمارهم بين 18 - 22 سنة تصل إلى 72 بالمائة، ونسبة المعوقين إعاقات حركية 80 بالمائة. هذه الارقام مرعبة بمقاييس الخسارة البشرية التي لا يمكن تعويضها، أما بمقاييس الخسارة المادية فإن الحوادث المرورية تكبد الاقتصاد الوطني سنوياً حوالي واحد وعشرين ألف مليون ريال!! ومن المؤسف أن هذه الحوادث كان بالإمكان تفاديها بالقليل من التعقل في القيادة، فطبقاً للأرقام المنشورة تَبَيَّن أن مخالفات السرعة تشكل 24.6 بالمائة من هذه الحوادث، وان مخالفات تجاوز الإشارة المرورية الحمراء تشكل نسبة 21.2 بالمائة، وهذه كلها مخالفات تدل على اللامبالاة والاستهتار والعبثية. ربما يأتي متهورو القيادة في رأس قائمة ضحايا حوادث السيارات وأكثرهم عددا، ومن المؤلم أن يخسر المجتمع أي فردٍ صالحٍ من أفراده فضلاً عن الألم البليغ الذي تتعرض له أسرة الفقيد، ولكن مع ذلك نقول إن الأفدح من هذا كله هو فَقْد الضحايا الأبرياء الذين يسقطون نتيجة القيادة المتهورة التي يمارسها أشخاص آخرون. فالمتهور القتيل مات باختياره لأنه يعرف مخاطر القيادة المتهورة، أما الضحايا الآخرون فهم أبرياء لا ذنب لهم. إننا جميعاً نعاني من ممارسات «إرهابيي الشوارع» الذين يقودون سياراتهم بجنون في شوارعنا، وعلى الرغم من هذه المعاناة التي يشكو منها الجميع لازالت العقوبات غير رادعة! ولذلك لا أجد ما يدعو إلى التفاؤل لوقف هذه المجازر المجانية التي تحدث يومياً في شوارع وطرقات المملكة. الناس يتأدبون بالأنظمة والقوانين الرادعة، وهذه طبيعة بشرية لا تتعلق بالناس هنا فقط وإنما بكل الناس في كل مكان. شكراً للقائمين على هذه الحملة النبيلة، واتمنى أن يتوازى معها تصعيد في التعامل الحازم مع «إرهابيي الشوارع».