سبق لي كما غيري الإشارة إلى إحصائيات مرعبة منها أن ضحايا الحوادث المرورية في المملكة بلغت خلال عقدين 86 ألف شخص متجاوزة ضحايا ستة حروب شهدها العالم خلال الفترة ذاتها، وعدد الإصابات أكثر من 600 ألف إصابة في أكثر من 4 ملايين حادث، لتصبح المملكة الأولى عالميا في نسبة وفيات الحوادث المرورية بالنسبة لعدد السكان، وإضافة إلى فقدان الأرواح وهو الأهم فإن الخسائر المالية بلغت خلال عام 13 مليار ريال، و30 % من حالات التنويم في المستشفيات هي نتيجة للحوادث المرورية، وهذه المعلومات موجودة في فيلم متميز على اليوتيوب انتجته أرامكو عن الحوادث المرورية. إزاء هذا الواقع المؤلم الذي يروح ضحيته كل يوم من لا ذنب لهم فإننا نعيد بإلحاح مطالبة الدولة بحراك أسرع وأكثر حزما للتعامل مع هذه الظاهرة التي ليس المسؤول عنها المرور وحده وإن كان المسؤول الأكبر، وقد ثبت أن تطبيق ساهر لم يؤدِّ إلى خفض نسب الحوادث المروية وأعداد ضحايها بالنسب المأمولة، ولا زلنا في صدارة دول العالم للأسف في نسب الحوادث المرورية القاتلة، ما يستوجب خطة سريعة على مستوى الدولة لمكافحة الحوادث القاتلة تشمل الجوانب التوعوية والتنظيمية والعقوبات الرادعة. أفترض أن الخطة الوطنية لمكافحة الحوادث القاتلة تعد على أسس شرعية (تعريف مصطلحات القتل والقتل شبه العمد والدية ومقدارها) ومن ثم تكون ملزمة للقضاة عند إصدار الأحكام في القضايا المرورية التي ينتج عنها إصابات وإعاقات ووفيات. أفترض أن الخطة الوطنية لمكافحة الحوادث القاتلة تتضمن عقوبات تصل إلى السجن عدة سنوات لمن يقود سيارته بتهور كبير أو يقطع إشارة ويتسبب في حوادث مميتة، وفي هذا السياق أشيد بالعقوبات التي أعلنت عنها الإدارة العامة للمرور مؤخرا متضمنة تطبيق العقوبة المرورية للمفحط الذي يتسبب في وفاة بالسجن مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف ريال ومن ثم إحالة القضية للجهات الشرعية لأخذ الحق الخاص، ومن الملاحظ أن الدولة حين أصبحت أكثر حزما مع المفحطين أن ظاهرة التفحيط التي كنا نعاني منها عدة عقود مع الحزم خفت كثيرا وفي طريقها للتلاشي، ومن المؤمل أن يتم التوسع في العقوبات لتشمل كل متهور، وليس المفحطين فقط، وأن يتم التوسع كذلك في رصد كافة المخالفات في كافة مدن وقرى وشوارع المملكة، وأن يكون هناك عقوبات أخرى مثل حجز السيارة ومن ثم مصادرتها عند تكرار المخالفة حتى لو كانت قيمتها مليون ريال، ومنع قائدها من القيادة كائنا من كان. هذه الافتراضات والأماني والاجتهادات نرجو أن تتوج قريبا بحيث نسمع في يوم اثنين قادم إعلان قرار من مجلس الوزراء الموقر ينص على إعداد هذه الخطة الوطنية وتطبيقها خلال شهرين أو ثلاثة فالنزيف مستمر ولابد من عملية جراحية لوقفه.