كثيرة هي الإشكاليات والإثارة حول النقد والنقاد, وتتباين هذه الإثارة بين دراسات ونقاشات عميقة في أدق تفاصيل النقد ونظرياته وطرقه وماهيته وأساليبه ومن هو الناقد الحقيقي وما هو دوره وأثره, ونقاشات أخرى لا تتجاوز السطح في النظر للنقد وأهميته. واستسهال العملية النقدية والإسراف في مسميات وألقاب النقد والناقد.. ولعل ما أثاره الناقد العراقي الدكتور عبدالواحد لؤلؤة من ضجة كبيرة بين أوساط الحاضرين لإحدى فعاليات سوق عكاظ قبل أعوام في تصريح يحمل كثيرا من القسوة وجلد الذات للنقد والنقاد, حيث أشار إلى (عدم وجود ناقد عربي من بعد القرن الرابع الهجري يحمل نظرية نقدية تخصه وإنما لدينا كتّاب ومؤلفون في النقد وهم قلة مقارنة بأدعياء النقد وما أكثرهم اليوم) أقول لعل هذا التصريح لم يكتسب هذه الأهمية لولا أنه صادر من ناقد بحجم الدكتور عبدالواحد لؤلؤة صاحب (موسوعة المصطلح النقدي) التي تقع في 44 مجلداً, ولديه من الكتب التي ألفها ما تجاوز ال(45) كتابا وجميعها في النقد والأدب والترجمة, ولو طبقت نظرة لؤلؤة هذه على الساحة التشكيلية المحلية لما وجدنا إلا بعضا من كتاب ومؤلفين في النقد التشكيلي وكثير من الأدعياء.. وفي المقابل هناك من يرى أن النقد يمكن أن يكون في كتابة خبر صحفي عن معرض أو تغطية لفعالية تشكيلية أو قراءة عابرة وانطباعية عن عمل تشكيلي أو فنان, وكل من مارس ذلك أو شيئا منه يمكن أن يكون ناقداً, ولعل هذه النظرة ظهرت وانتشرت مع وسائط التواصل الاجتماعي التي أسرفت في إصدار الإحكام والألقاب بفنان وناقد وتعززت بمجلات غير متخصصة وغير منهجية تصدر ألقاباً وأحكام على غير وعي ومنهجية ولا أسس علمية. والنقد التشكيلي في أبسط مستوياته هو قراءة العمل الفني والحديث عنه, وهو التذوق في أعلى مستوياته, وهو أيضاً وصف وتحليل وتفسير العمل الفني استناداً لقواعد وأصول فنية, وإصدار حكم على العمل الفني بناءً على أسس وأطر فنية تمكنه من إعطاء قيمة ومع تعدد الرؤى النقدية والاتجاهات النقدية ظهرت أنواع من النقد منها ما كان ظاهرا جليا ومنها ما كان ضمنيا، ولعل من أبرزها: * النقد الوصفي الأدبي. * النقد الانطباعي. * النقد السياقي. * النقد الشخصي. * النقد الاستقرائي. * طريقة فيلدمان. ولكي تتحقق عملية النقد لابد أن يكون من يقوم بالممارسة النقدية على قدر كبير من الثقافة والاطلاع بتاريخ الفن والنقد الفني, وعلم الجمال وذو خبرة في الممارسات الفنية ومستجدات الساحة التشكيلية, ويمتلك الحيادية واللغة السهلة الواضحة والمعبرة في تحليل ونقد الأعمال ويراعي المسافة بين بنية اللغة وبنية الصورة, ويستخدم مصطلحات ومفاهيم معاصرة وحديثة تتناسب مع العصر.