إن المتتبع لحركة النقد للنصوص الأدبية المحلية يرى أن ثمة نقد انطباعي يكاد يطغى على ثقافتنا النقدية؛ حيث إن هذا النوع من النقد يختلف عن النقد المنهجي الذي سنأتي إليه فيما بعد، فالنقد الانطباعي المصاحب كثيرا للنصوص الأدبية المحلية ينطلق من ذات الناقد ودرجة تأثره للنص وما يتبع ذلك من انفعالات ومشاعر قد يعبر عنها بحالة نمطية مكررة لكثير من النصوص الأخرى. وخاصة إذا صاحب هذا النقد مصطلحات جاهزة من مثل: هذا جميل، هذا غير مبدع، هذا رائع، كتابة ناضجة، كتابة باهتة…، حيث إن هذا النوع من النقد -ربما – لا يعبر عن مدى مضمون النص ومفاهيمه وأساليبه، وربما يخضع للحالة النفسية التي يمر بها الناقد، ومع ذلك فلا يزال النقد الانطباعي يؤسس لحركة نقدية متى ما صاحبها نقد انطباعي مبني على عقلية تراكمية من القيم الأدبية والنقدية. ولذا فبالنسبة لي أنا لا ألغي هذا النوع من النقد، بل أطالب به فربما ينعش الكتابة النقدية ويطورها متى ما كان خالياً من المجاملة ورافقه الصدق الفني والحس النقدي. أما فيما يخص النقد المنهجي فحتما هذا النقد يستند إلى معايير وقواعد منهجية للشكل والمضمون والأسلوب واللغة، ولذا فهو يختلف عن النقد الانطباعي؛ حيث يستمد مادته من دراسات منهجية وعلمية وليس من ذاتية الناقد. حيث يقوم على نظريات عديدة من بينها نظرتا التحليل والتعليل والبنية الدلالية لكل كلمة. ومع هذا وبرأيي فإن كلاً من النقد الانطباعي والنقد المنهجي يؤسسان لحركة نقدية محلية وربما يتشاركان كلاهما في إنعاش الحركة النقدية المحلية.