أصبح من المؤكد اليوم أن الجلسة الفعلية الأولى للحوار الوطني لن تنطلق قبل عطلة عيد الأضحى المبارك، وذلك بالنظر الى اختلافات وجهات نظر الفرقاء السياسيين حول أهم الأمور الترتيبية المنظمة للحوار، إضافة الى تباين الرؤى بخصوص الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فعمل الهيئة يجب أن يسبقها عملية الانتهاء من صياغة القانون الانتخابي باعتبار أنها هي الهيكل المسؤول عن تنظيم الانتخابات بعد أن تم حل الهيئة السابقة المعروفة باسم هيئة اليساري كمال الجندوبي التي كانت أشرفت على انتخابات 23 أكتوبر 2011 وأفرزت فوز حركة النهضة بأغلبية مقاعد المجلس التأسيسي. هذا، وقد كان قياديو أحزاب المعارضة المشاركين في الحوار الوطني قد انطلقوا في العد التنازلي لتنفيذ بنود خارطة الطريق التي اقترحها الرباعي الراعي للحوار وأمضت عليها أغلبية الأحزاب الفاعلة في الساحة ما عدا حزب المؤتمر حليف النهضة في الترويكا الحاكمة وتيار المحبة الذي خلف حزب العريضة الشعبية. وقد رفض عدد من قيادات المعارضة عودة هيئة الجندوبي بل طالبوا بتشكيل هيئة جديدة. وهذا إن حدث سيستغرق وقتاً طويلاً مما سيؤجل موعد تنظيم الانتخابات عاماً آخر وتتواصل بالتالي المرحلة الانتقالية في تونس. وفي المقابل يدافع البعض الآخر عن مقترح إعادة هيئة الانتخابات القديمة خصوصاً أمام تعطل تشكيل الهيئة الجديدة من طرف المحكمة الإدارية التي كانت أصدرت طعوناً في عدد من المترشحين لعدم استجابتهم للمقاييس المحددة سابقاً. ويخشى من أن تتفق الأطياف السياسية المشاركة في الجلسات الترتيبية للحوار الوطني على تجاوز قرارات المحكمة الإدارية بما يعني أنه في حال إجراء انتخابات تشرف عليها الهيئة الجديدة فإن المحكمة قد تبطل نتائجها. هذا، ويعتبر الإشكال القانوني الذي اصطدمت به مساعي الفرقاء السياسيين الراغبين في الإسراع بتحديد موعد نهائي لافتتاح جلسات الحوار الرسمية قد طرحت عائقاً حقيقياً أمام عزم المشاركين بلا استثناء التوافق بشأن موعد نهائي لدخولهم معمعة الحوار وبالتالي الإيفاء بوعودهم للشعب التونسي. من جانبه يسعى اتحاد الشغل الذي يرأسه الرباعي الراعي للحوار وباعتباره أكثر المراهنين على إنجاح الحوار، يسعى جاهداً الى تقريب وجهات النظر بين الأحزاب المشاركة في الحوار في انتظار التحاق الرافضين للتوقيع على خارطة الطريق التي طرحها وحظيت بقبول أغلب الأحزاب الفاعلة وعلى رأسها النهضالحاكمة. وفي هذا السياق تندرج جلسات الحوار التي يجريها الرباعي الراعي للحوار مع رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، وهي جلسات تمحور الحديث فيها حول السبل الكفيلة بتجاوز عائق إحداث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذي لم يحسب لها حساب عندما أعلن عن انطلاق الجلسة الافتتاحية الرسمية للحوار يوم غد السبت.