إعداد - وحدة التقارير والأبحاث الاقتصادية ب«الجزيرة»: يرى خبراء أن انتشار اتفاقيات تحرير التجارة في منطقة آسيا والمحيط الهادي قد تعيق فعليًّا تحرير التجارة نفسها. ووفقًا لبنك التنمية الآسيوي، هناك أكثر من 130 اتفاقًا ساريًا في أنحاء آسيا و100 اتفاق آخر يتم إعدادها. ويأتي في صدارة القائمة سنغافورة مع وجود اسمها في 37 اتفاقية لتحرير التجارة تليها الهند بعدد 34 اتفاقية وكوريا الجنوبيَّة 32 اتفاقًا بينما لدى الصين 27 اتفاقية. وقال كريستوفر فيندلي أستاذ الاقتصاد لدى جامعة أديليد الأسترالية معلقًا: إن ذلك «سلطانية اسباجيتي» من الترتيبات التي بها عقبات كبيرة. وأضاف أن مثل هذه الاتفاقيات تمثِّل «مستقبلاً غير حقيقي» ويمكن أن تكون وبالاً على الدول الأصغر في المنطقة. واتففت في ذلك كلارا براندي لدى المعهد الألماني لسياسات التنمية قائلة: إن «الدول تتسبب أسواقها الأصغر في ضعف الاهتمام بها كشركاء تجاريين يتم تركها في كثير من الأحيان خارج اتفاقيات تحرير التجارة». وأوضحت حسب الأنباء الألمانية «د.ب.أ» أن «شركاء اتفاقيات تحرير التجارة يزيدون الأعمال مع بعضهم البعض وبشكل أقل مع الدول خارج الاتفاق... وهذا الانحراف ب(التجارة) يمكن أن يُؤدِّي إلى خسارة معتبرة في الدخل». وقالت: إن ذلك فعلاً هو تحدٍ لأيِّ شركة لاستكشاف «متاهة اتفاقيات تحرير التجارة». وأضافت أن «منتقدين يقولون: إن فوضى الاتفاقيات المتنوعة يمكن أن تقيد التجارة لأن الشركات يجب أن تلتزم بمعايير مختلفة في أسواق مختلفة وقواعد منشأ معقدة». فعندما يضطر المصدرون والمستوردون للمنافسة في ظروف عمل مختلفة وممارسات بيئية أو قواعد منشأ بموجب كل ترتيب، فإنَّ الدول حتَّى الناجحة مثل سنغافورة تبدأ في الاعتقاد بأنها قد يكون لديها الكثير للغاية من شيء جيد. كان وزير الماليَّة لسنغافورةالمدينة - تارمان شانموجاراتنام قد صرح هذا الشهر قائلاً: إننا «يجب أن نعي إيجابيات وسلبيات وجود الكثير للغاية من اتفاقيات تحرير التجارة والاتفاقيات المتعارضة الأخرى التي يمكن ربَّما أن توقف نمونا الاقتصادي». وتَمَّ بشكل واسع في المنطقة إدراك الحاجة إلى ترشيد تلك التوليفة من الاتفاقيات التجاريَّة، لكن يبدو أن هناك ضغوطًا متنافسة بشأن كيفية إدماجها. وتريد الدول الأعضاء العشرة في رابطة دول تجمع جنوب شرق آسيا «آسيان» زيادة الانسجام التجاري الداخلي للرابطة وخفض الحواجز التجاريَّة بهدف تحقيق سوق موحدة بحلول عام 2015 وتريد الصين تحرير التجارة مع دول جنوب شرق آسيا وتدفع نحو تحقيق الشراكة الاقتصاديَّة الشاملة الإقليميَّة «آر سي أيّ بي» التي يمكن أن تضم دول آسيان وأستراليا والصين والهند واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبيَّة لكنها تستثني الولاياتالمتحدة. كما تريد الولاياتالمتحدة إقامة تجارة حرة في المنطقة عبر الشراكة عبر المحيط الهادي الجاري التفاوض عليها مع 12 دولة من دول آسيان مع استبعاد الصين. وتستكمل الصين واليابان وكوريا الجنوبيَّة اتفاقهم الخاص بهم «سي جيه كيه» على الرغم من الخلافات السياسيَّة بشأن مناطق بحريَّة ومن المستبعد التَّوصُّل لذلك في ظلِّ ضغائن صراعات القرن العشرين. ومن حيث المبدأ تتم مراقبة تقدم العالم نحو تحقيق تجارة حرة من جانب منظمة التجارة العالميَّة، غير أنّه مع توقف أحدث جولة من مفاوضات تحرير التجارة - جولة الدوحة عام 2001 تقوم الدول في كثير من الأحيان بترتيبات خاصة بها ما يصيب المنظمة بخيبة أمل. ويجد العمالقة الإقليميون أن من الأيسر فرض أنفسهم في المفاوضات الإقليميَّة عن أيّ منتدى عالمي، حيث قد يضطرون إلى مواجهة تحالفات أكبر من الدول الأصغر الساعية إلى تعزيز قوتها. من ناحية أخرى خفض صندوق النقد الدولي مجدَّدًا من توقعاته الخاصَّة بنمو الاقتصاد العالمي. وقال الصندوق في تقريره الذي نشر أمس الثلاثاء: إن إجمالي الناتج العالمي سيرتفع خلال العام الجاري بنسبة 2.9 في المئة بانخفاض بمقدار 0.3 في المئة مقارنة بآخر توقعات للصندوق. كما توقع الصندوق أن يحقِّق الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل نموًّا بنسبة 3.6 في المئة.