تعيش دول رابطة جنوب آسيا (الآسيان) حالة من التردي الاقتصادي والقلق السياسي والتوترات الاجتماعية نتيجة للأزمة المالية الحالية التي ضربت العالم أجمع، بما يلقي مسؤولية كبيرة على زعماء دول (الآسيان) لايجاد مخرج من الكابوس العالمي الذي تعيشه تلك الدول. فجاء رد فعل مجموعة رابطة الاسيان للازمة الكارثية العالمية بانشاء صندوق للنقد قيمته (120) مليار دولار للدفاع عن العملات الاقليمية في مواجهة أي ازمة نقص بالسيولة، مما يشكل خطوة بالغة الأهمية للخروج من تحت عباءة اتفاقية (بريتون وودز) التي وقعت في عام (1944) بولاية نيوهامبشير والتي تم بموجبها تأسيس صندوق النقد الدولي الحالي والذي عكس الهيمنة الأمريكية الاقتصادية على سياساته. وتتكون رابطة دول جنوب شرق آسيا (الاسيان) والتي تأسست يوم 8 أغسطس عام 1967م من قبل خمس دول هي اندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند ثم انضمت لعضوية الرابطة كل من بروناي وفيتنام ولاوس وميانمار وكمبوديا وهدفها اقامة تكتل آسيوي اقتصادي بطعم اسيوي يسهم في عملية النمو الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة والتمسك بمبادىء ميثاق الأممالمتحدة وبالاضافة الى العشرة أعضاء السابقين انضم اليهم كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية. وذكر محللون وخبراء في المجال الاقتصادي الدولي ان تحرك زعماء رابطة جنوب شرق آسيا (الاسيان) يمثل تمرداً اسيوياً على السيطرة الاقتصادية للرأسمالية الامريكية، لانهم يرون أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها دولهم وبعض دول العالم هي من نتاج اتفاقية (بريتون وودز) التي عكست النموذج الأمريكي الذي أعطى السيطرة الكاملة لاقتصاد السوق وسيطرة الشركات الامريكية المتعددة الجنسية وتعكس الهيمنة المطلقة للمصالح الأمريكية. وفي ضوء هذه النظرة الاسيوية صندوق للنقد اسيوي يعتبر ثورة على النظام الاقتصادي العالمي بهدف مساعدة الدول الاسيوية على مكافحة القصور في العملات والتصدي لاي ازمة مثل الازمة المالية الاسيوية التي وقعت في العام 1997م اضافة الى الازمة المالية والكارثة العالمية الاقتصادية التي تنشر ظلالها القاتمة على اقتصادات العالم الآن. باختصار شديد نرى ان تأسيس صندوق للنقد آسيوي سيشكل اساساً متيناً لتعزيز الروابط الاقتصادية بين الدول الاعضاء في تكتل الاسيان وشركائهم في الحوار بعيداً عن هيمنة اتفاقية (بريتون وودز) التي صممتها وهندستها امريكا وحلفاؤها الغربيون عام (1944م). وفي الختام فإن تأسيس صندوق للنقد اسيوي رسالة قوية الى دول العالم لاعادة نظرها في التعامل مع صندوق النقد الدولي الحالي للتحرر من مفاهيم الرأسمالية الامريكية التي كانت السبب الرئيسي للاضطرابات الاقتصادية وازعجت دول العالم أجمع اقتصادياً واجتماعياً وتجارياً، لذلك فان تحرك مجموعة رابطة الاسيان دعوة لمؤتمر دولي عاجل لرسم استراتيجية دقيقة لنظام اقتصادي عالمي يخدم المجتمع الانساني بكل أطيافه المختلفة ويعتمد على التكتلات الاقليمية.