سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مبدياً إعجابه بالتطور المتواصل لصحيفة (الجزيرة) وتوجهها المستمر للطرح الجاد والرصين .. معالي وزير العمل المهندس عادل بن محمد فقيه: الطرح الصحفي المتميز والنقد الهادف يشكلان معيناً لوزارة العمل لتطوير برامجها ومبادراتها
لأول مرة يعقب معالي وزير العمل على صحيفة، وعلى مقال صحفي بهذه الشفافية والصراحة، ويكشف عن معلومات وتوجهات جديدة لمعالجة توظيف السعوديين، والحد من تدفق العمالة غير السعودية للعمل في بلادنا، ضمن سياسة تدريجية حكيمة تقود - بتعاون الجميع - ما أسماه معاليه قطاراً ينقل جميع الشباب؛ من الذكور والإناث نحو مزيد من فرص التوظيف.. فإلى ما قاله معاليه تعقيباً على مقال الزميل خالد البواردي: سعادة الأستاذ/ خالد بن حمد المالك المحترم رئيس تحرير جريدة الجزيرة إشارة إلى مقال سعادة الأستاذ خالد البواردي، والمعنون: «شراب العائلة» لا يصلح للبطالة!، والمنشور في صحيفتكم الغراء، أود أولاً أن أسجل لشخصكم الكريم إعجابي بالتطور المتواصل لجريدة الجزيرة، وتوجهها المستمر للطرح الجاد والرصين. كما أود أن أشكر على وجه الخصوص كاتب المقالة، سعادة الأستاذ خالد البواردي، على طرحه الجاد ونقده البناء. إن مثل هذه الطروحات المتميزة والنقد الهادف يشكل معيناً لنا في وزارة العمل نقوّم من خلاله برامجنا ومبادراتنا ونطورها بما يحقق الصالح العام. كما أنه يتيح لي، بين الفينة والأخرى، فرصة إيراد بعض الملاحظات والمعلومات التي تلقي الضوء بشيء من التفصيل على برامج الوزارة وإستراتيجيتها، وتوضح الإطار العام الذي نتحرك ونعمل من خلاله. وقبل تناول مقالة الكاتب، أود أولاً أن أشير باختصار إلى أن إستراتيجية الوزارة تنطلق من استراتيجية التوظيف السعودية التي أقرها مجلس الوزراء الموقر، والتي تمثل وثيقة شاملة وديناميكية تسعى لأن تعالج جميع جوانب سوق العمل عبر آليات قصيرة، ومتوسطة، وبعيدة الأمد. وترتكز هذه الإستراتيجية على أربعة محاور، هي: تحفيز الطلب من قبل القطاع الخاص على المواطنين، وتفعيل العرض من الكفاءات الوطنية المؤهلة، ورفع كفاءة آليات المواءمة بين العرض والطلب، وهيكلة الوظائف نحو المستويات الأعلى أجوراً. وخلال تنفيذنا للمبادرات والبرامج المختلفة، نقوم وبشكل مستمر بتطوير تلك الاستراتيجية وفق مستجدات سوق العمل ووفق استجابته لما يطلق من برامج ومبادرات وسياسات. ومن المؤكد أن هناك ما يمكن تحقيقه على المدى القصير، مثل تحفيز جانب الطلب، كما أن هناك ما يتطلب تحقيقه الكثير من التنسيق والتعاون بين أكثر من جهة حكومية أو أهلية، مثل دعم العرض والمواءمة والهيكلة. إلا أننا نسعى إلى أن نحقق تقدماً على جميع هذه لمحاور، رغم إدراكنا أن سرعة التقدم سوف تختلف من محور إلى آخر. أما بالنسبة لما آثاره الأستاذ خالد بخصوص البطالة وأنواعها، وما أشار إليه من أن الكثير من أبنائنا وبناتنا لا ينطبق عليهم مفهوم البطالة، حيث إنهم يختارون طائعين عدم العمل لأسباب مختلفة، وبالتالي، فإنه لا يجب على الوزارة أن تجبرهم على العمل، أود أن أشير إلى أننا في المملكة نستخدم التعريف المعياري للبطالة المعتمد من منظمة العمل الدولية، الذي يعرف المتعطل على أنه «الفرد الذي بلغ 15 عاماً فأكثر والقادر على العمل ولديه الاستعداد للعمل خلال أسبوع الإسناد ويبحث عن عمل بجدية تامة خلال الأسابيع الأربعة السابقة والمنتهية بنهاية أسبوع الإسناد ولم يجد عملاً، وهو ما تقوم مصلحة الإحصاءات العامة بقياسه عن طريق مسوحاتها الميدانية وتنشر في ضوئها تقاريرها بشكل دوري ومنتظم. إلا أنه من المهم التأكيد على أن كل مواطن، وبغض النظر عن مستوى تأهيله لسوق العمل، أو ما يبديه من رغبة، أو عدم رغبة، في العمل، هو مواطن من أبنائنا أو من بناتنا، نحمل مسؤولية توفير فرص العمل اللائق والملائم له، وينبغي علينا أن نعمل عن تأهيله وتحفيزه. إننا في وزارة العمل نؤمن أن عدم بحث مواطن عن عمل بجدية، وبالتالي عدم دخوله في تعريف البطالة المعياري المعتمد، لا يعفينا من المسؤولية الأخلاقية في الوصول إلى هذا المواطن والبحث عن شتى سبل تأهيله وتحفيزه. ناهيك عن حاجة الوطن الاقتصادية لجهود كل القادرين من أبنائه وبناته، حيث إنه -وكما هو معروف لدى الجميع لا يصح ولا ينبغي لأي دولة أن تخطط الاعتماد على الغير إلى الأبد في تطوير مواردها والقيام بمسؤولياتها. إن عدم رغبة فئة من أبنائنا وبناتنا في العمل (أو كون بعضٍ منهم يستمرئون العيش بدون عمل، مستفيدين من أتاوات أو مخصصات يحصلون عليها لقاء توظيف وهمي)، هو أمر مقلق، وظاهرة غير سوية، خصوصاً في بلدٍ مثل المملكة العربية السعودية الذي يفخر بالتزامه بتعاليم الإسلام الذي يحض على العمل، ويؤكد على أن اليد العليا خير من اليد السفلى، ويأنف الغش والتزوير. لذا، فإننا نرى أن ظاهرة عدم الإقبال على العمل وقبول المشاركة في عملية التوظيف الوهمي، سواءً من الشباب أو من أصحاب الأعمال، هي ظاهرة مرضية تستحق التمحيص والتأمل والدراسة، وينبغي علينا جميعاً، حكومة وأفراداً، أن ننبري لمواجهتها وعلاجها، لا أن نتجاهلها أو نجد لها الأعذار. كما أن عملية التوظيف الوهمي تشكل في الحقيقة تآمراً من قبل قلة ضد الوطن ومصلحته، بل وضد أنفسهم أيضاً. لذا فهي عملية يجرمها القانون ويعاقب عليها، وسوف تكون محل تركيز من قبل فرق وأنظمة التفتيش المختلفة. ومما يؤسف له أيضاً أن جهود الوزارة في تشجيع عمل الطلاب وعمل المرأة عن بعد قد تم أيضاً استغلالها من قبل البعض في عملية التوظيف الوهمي. إلا أننا على قناعة بأن تشجيع عمل الطلاب وتمكين المرأة الراغبة من حقها في العمل هو واجب علينا وحق للمجتمع. كما أن سوء استخدامه من قبل البعض لا يعني عدم جدواه وأهميته، ولا يبرر التراخي في متابعته وتفعيله. وفيما يخص جدية الشباب في الحصول على فرص عمل، قامت وزارة العمل بالبحث في توجهات الشباب نحو العمل بشكل عام، حيث أجرت دراسة مستفيضة حول أنواع الباحثين عن العمل من واقع قاعدة بيانات حافز. ولقد شملت هذه الدراسة تحليلاً سلوكياً لعينة عشوائية كبيرة تزيد عن ستة عشر ألف باحث عن عمل، ذكوراً وإناثاً. وقد نتج عن هذه الدراسة تصنيف الشباب المسجلين في حافز إلى ثماني فئات، وذلك حسب اختلاف سلوكياتهم من حيث ثلاثة محاور رئيسية، هي: محور الثقة في إمكانية الحصول على عمل، ومحور النشاط في البحث عن عمل، ومحور المرونة في قبول فرص العمل المتاحة. ولقد أظهرت الدراسة، والتي استعانت فيها الوزارة بخبرات دولية ومحلية متخصصة في التحليل السلوكي، أن 34% من الإناث نشطات في البحث عن عمل مقابل 66% من الذكور، وأن 27% من الإناث لديهن مرونة في قبول الفرص المتاحة لهن، وذلك مقابل 43% من الذكور. أما من ناحية الثقة في إمكانية الحصول على فرص العمل، فقد أظهرت الدراسة أن 66% من الإناث لديهن ثقة في إمكانية حصولهن على عمل مقابل 65% من الذكور. كما خلصنا من هذه الدراسة المستفيضة إلى تحديد أفضل السبل ووسائل المساعدة والتحفيز الملائمة لكل شريحة من هذه الشرائح. كما حددت الدراسة البرامج الملائمة المطلوبة للوصول إلى كل شريحة. إن الوصول لكل فرد بالرسالة الفعالة وبآلية الدعم والتحفيز الملائمين هو مسؤولية وطنية لن نتخلى عنها، إذ إن كل فرد ومن أي فئة كان هو في نهاية الأمر ابن أو ابنة للوطن. من جهة أخرى، فإن الوزارة تعي أيضاً وجود بطالة هيكلية في القطاع الخاص، ترجع في أحد مسبباتها إلى ضعف المواءمة بين مخرجات التعليم وبين متطلبات سوق العمل، مما يؤدي إلى توفر عدد كبير من الخريجين في تخصصات لا يطلبها سوق العمل. وقد أصبح هذا الجانب محل اهتمام ولاة الأمر يحفظهم الله، وتشكلت لجنة وزارية لمتابعته. ومن حسن الحظ فإن الله قد حبانا باقتصاد قوي قادر على توليد عدد كبير من الوظائف تكفي الجميع إذا أحسنا التدبير. ولو نظرنا إلى الوضع الحالي فإن عدد غير العاملين ممن هم في سن العمل من المواطنين لا يزيد عن ربع عدد العمالة الوافدة. لذا فإننا يمكننا عدم سعودة النصف الأدنى من الوظائف منخفضة الأجور، والتي لا تناسب أبناءنا وبناتنا، ويتبقى لنا بعد ذلك عدد كافٍ من الوظائف ذات المستوى الأعلى نسبياً والتي يمكن إحلال المواطنين عليها بعد تدريبهم وتأهيلهم. وهذا ما نعمل عليه في المبادرات والبرامج الخاصة بمحور العرض ومحور الهيكلة. كما تجدر الإشارة أيضاً إلى أن برامج الوزارة المعنية بتحفيز الطلب سوف تؤدي إلى ارتفاع متوقع في نسبة المشاركة في قوة العمل التي هي حالياً منخفضة نسبياً. إلا أن هذا لا ينبغي أن يسبب لنا أي قلق، لأننا في مجمل برامجنا ننتج فرص عمل أكثر للمواطنين عما قبل. ويشهد المجتمع الآن بحمد الله وبتضافر جهود الجميع ارتفاعاً متدرجاً في نسب التوطين في القطاع الخاص حيث ارتفعت نسبة التوطين من 7% إلى 15% على مدى ثلاثة أعوام. ورغم أن هذا لا يرقى إلى طموحنا، إلا أننا ندرك أيضاً أهمية التدرج في الضغط على منشآت القطاع الخاص في عملية التوطين بالقدر الذي لا يؤثر على قدرتها على الاستمرار والنمو وتوفير فرص العمل للمواطنين. كما أن هذا التدرج يتوافق مع الحاجة إلى الوقت اللازم من جهة أخرى لرفع مهارات العمل لدى الشباب بشكل تدريجي. آمل بتوفيق الله عز وجل، ثم بفضل تعاضدنا جميعاً، أن تشكل مبادرات الوزارة «قطاراً» ينقل جميع الشباب رجالاً ونساءاً نحو مزيد من فرص التوظيف، ويدفع بالمجتمع نحو تحقيق أهدافه وتحقيق رؤية ولي الأمر يحفظه الله، لا أن تكون «شراباً» لا يفيد إلا شخصاً واحداً. وتقبلوا خالص تحياتي، وزير العمل - عادل بن محمد فقيه