أخونا الدكتور عبد الرحمن الزامل مُقْنِع في طروحاته، خصوصاً تلك التي تتعلق بالشأن الاقتصادي. وَدَعْكَ من «البهارات» التي ينثرها في ثنايا حديثه والقهقهات التي يطلقها عالياً، وهو يدعك كفيه بسرعة خارقة حين يعتقد أنه سدد هدفاً في شباكك ولسان حاله يقول: «واحد صفر»! فهذه البهارات والقهقهات لا تقلل أبداً من جدية نقاشاته وطروحاته، فهو يتكئ على خبرة طويلة في العمل الحكومي في وزارة التجارة وفي مجلس الشورى وفي عالم الأعمال والتدريس في الجامعة، وهو أيضاً غالباً ما يتحدث بلغة الأرقام. صار الدكتور الزامل الآن رئيساً لغرفة التجارة والصناعة بالرياض، وفي آخر مرة أطل علينا، كان يتحدث عن أهمية أن لا تكون المساعدات التي تقدمها الحكومة السعودية للدول الأخرى على هيئة قروض أو إعانات نقدية وإنما بشكل منتجات سعودية أو كخدمات سعودية مثل أعمال المقاولات والاستشارات. ويبني الزامل جدليته على هامش القرار الذي اتخذه بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي بتقديم قرض لشركة «صدارة» التي تملكها كلٌ من شركة أرامكو السعودية وشركة داو كميكال الأمريكية بقيمة تصل إلى حوالي خمسة مليارات دولار، حيث برر البنك الأمريكي تقديم القرض بأنه سيؤدي إلى توظيف ثمانية عشر ألف مواطن أمريكي وتشجيع مشتريات سبعين شركة تصدير أمريكية وعشرين مؤسسة أمريكية صغيرة. وقياساً على القرض الأمريكي، يرى الزامل أن تقديم بقية التمويل الذي يحتاج إليه مشروع صدارة «السعودي» من قبل جهات تمويلية سعودية بنفس الشروط الأمريكية، وهو حوالي خمسة عشر مليار دولار، فإن ذلك سوف يخلق خمساً وأربعين ألف وظيفة داخل الاقتصاد السعودي وسوف يساعد مائتين وخمسين شركة سعودية. ويمكن القياس وفق ذلك بالنسبة للمساعدات والقروض الأخرى التي تقدمها المملكة لدول العالم وما يمكن أن تحققه للشركات السعودية ورجال الأعمال والتوظيف داخل الاقتصاد السعودي. سوف «أبصم» بالعشرة، كما يُقال، مع زميلي السابق في مجلس الشورى الدكتور عبد الرحمن الزامل، فالمساعدات غير المشروطة لا تحقق الفوائد المأمولة بل قد تؤدي إلى الفساد داخل الأجهزة البيروقراطية في الدول التي تتلقى المساعدات. وسأبصم معه أيضاً أن الأسلوب الذي يقترحه سوف يفيد رجال الأعمال السعوديين والشركات السعودية. لكنني لست متأكداً من فائدته بالنسبة لتوظيف المواطنين السعوديين، إذ لا يبدو أن هناك علاقة قوية بين ازدهار الاقتصاد السعودي وتوظيف السعوديين كما هو الحال في الولاياتالمتحدة التي بكل تأكيد يؤدي ازدهار اقتصادها إلى توظيف المزيد من الأمريكيين وخفض معدل البطالة هناك. ولو أن ازدهار اقتصادنا السعودي كان سيؤدي إلى اختفاء البطالة بين السعوديين لانتهت البطالة منذ زمن بعيد! أتفق معك، يا صديقي، في أهمية أن تكون المساعدات السعودية مشروطة، وأن القطاع الخاص سيستفيد كثيراً من ذلك، لكنني لست متأكداً من أن القطاع الخاص سوف يبادر إلى توظيف السعوديين بالشكل الذي يوحي به النموذج الأمريكي لأن وباء الاستقدام «منتج» محلي ضمن منتجات القطاع الخاص لدينا. ومع ذلك، سنبصم ونبصم! [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر