ودّعت أُم حمد الخرب - رحمها الله - الدنيا بعد رحلة مع المعاناة وتكاثر الوصفات والعلاجات، وبعد أن قدّمت خلال سنوات حياتها جيلاً من الرجال والأحفاد والبنات الذين نحسبهم إن شاء الله من أهل الخير والصلاح، إنهم جيل يتقدمهم التربويان حمد بن عبد الرحمن الخرب وشقيقه محمد بن عبد الرحمن الخرب اللذين عملا في ميدان التربية والتعليم ليكون نفعهما للأجيال كبيراً ونافعاً. وقد توقف الأستاذ حمد بعد أن قدم كل ما لديه وأشبع الميدان التربوي بخبراته وتجاربه وترجّل عن العمل متقاعداً، بينما لا يزال الأستاذ محمد يمد بعطائه الميدان التعليمي بالكثير من الخبرات والتجارب, وأما على الصعيد النسائي فإنّ الفقيدة - رحمها الله - قد رعت بناتها الكثيرات بشيء من إخلاصها حتى أثمر العطاء وأصبح يانعاً, لقد كانت الفقيدة من جيل الأتقياء الذين عرفوا النقاء عن بصر وبصيرة وأجادوا دورهم في الحياة بإخلاص ووفاء، وفي سيرة الفقيدة - رحمها الله - مواقف لا ينساها الجميع سواء على الصعيد الشخصي للأفراد داخل بوتقة العائلة أو على صعيد الأسرة والأقرباء وعامة الناس, أُم حمد رحمك الله لقد عرفت سر تكاثر الناس يوم جنازتك فقد كنتِ محبوبة من كل الناس لأنّ الأسر تذكر إخلاصك.. وتعرف وفاءك، وتقدّر فزعتك ونخوتك العربية، هكذا هم جيل الفقيدة من نسائنا الفاضلات، ومن أمهاتنا وجداتنا عرفنا الوفاء فكان لهن معه مسيرة حياة.. وتدثّرنا بالإخلاص فكان مبدؤهن في الحياة، وتشرّبنا النقاء وبياض القلوب فكنّ الرائدات في التربية يوم لم يكن هناك تعليم في زمانهن فتخرّج على يديهن وبحضور مهم من الآباء فكان التكامل في صيغته التربوية الجميلة، أقول تخرّج على يديهم فئات صالحين، إنه الزمن الجميل الذي خرّج المهندسين والأطباء والمعلمين ورجال الفكر وقادة العمل والإدارة، لقد أيقظت الفقيدة في ذاكرتي الصورة الناصعة والجميلة لجيلها الذهبي المرصّع بالنقاء والإخلاص والمعطّر بالصور الجميلة لزمن جميل افتقد مراحل التعليم لكنه استطاع أن يرسم مستقبل أبنائه ويبني أنفساً وعقولاً، رحم الله الفقيدة وأسكنها فسيح جناته وألهم أبناءها وبناتها وأحفادها جميل الصبر والسلوان، وإنّ عليهم اليوم أن يرفعوا أكف الضراعة للباري في صلواتهم بالدعاء لها ولا شك أنهم فاعلون، لكني أقول ذلك للتذكير فقط، وفّق الله الجميع لفعل الخير والهدى والصلاح،