للمرة الثانية في غضون 9 أشهر، سلمت قوى 14 آذار، رئيس الجمهورية ميشال سليمان، في القصر الجمهوري في بعبدا مذكرة وقعها أكثر من خمسين نائباً في البرلمان، تتناول بشكل أساسي موقفها من مشاركة حزب الله في الحرب في سوريا وموضوع تشكيل الحكومة المقبلة. وقال رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب بعد تسليم المذكرة «إن هناك خطراً شديدأ واقعاً على الوطن وينذر بعواقب وخيمة، وإن هذا الخطر دخل اليوم طور الكارثة النازلة على جميع المستويات الوطنية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بما يزعزع وعلى نحو غير مسبوق الكيان والجمهورية، فضلاً عن العيش المشترك الذي هو مبرر وجود لبنان». وذكر بأن الشكوى الأولى هي معضلة انتهاك النظام السوري، بصورة متواترة وبلا رادع، لحدودنا وسيادة دولتنا وأمن مجتمعنا، في ظل تقاعس رسمي من قبل حكومة لبنان، لا بل ومع تأييد لهذا الانتهاك من قبل بعض الحكومة. ورأى أن غاية النظام السوري تتمثل في توسيع رقعة حربه ضد شعبه إلى لبنان وفي لبنان توكيداً لتهديده المعلن ب»تعميم الفوضى في المنطقة»، وفي محاولة منه لابتزاز المجتمعين العربي والدولي الحريصين على سلامة لبنان بما يمثله في هذه المرحلة العصيبة من التحولات الكبرى الجارية في العالم العربي. والمعضلة الثانية هي سلاح «حزب الله» غير الشرعي الذي كون لنفسه دولة وسلطة عسكرية وأمنية أقوى من الدولة، ثم بسط هيمنته وسطوته على كثير من مؤسسات الدولة الشرعية ومرافقها وقرارها السيادي، في الوقت الذي كان فيه قد أقام تحالفات عسكرية إستراتيجية خارجية بما يتعارض مع سيادة وأمن الدولة ومؤسساتها الدستورية. وهو قد استولد مجموعات مسلحة بشكل مباشر وغير مباشر وأسهم أيضاً في انتشار السلاح والمسلحين في مختلف المناطق اللبنانية. وما كان لمآرب النظام السوري ومعه الإيراني أن تتحقق بصورة أو بأخرى لولا هذا السلاح العصي على قوانين الدولة، واتفاق الطائف والدستور، وإرادة اللبنانيين، وقرارات الشرعيتين العربية والدولية، بل والناقض لكل الاتفاقات والتفاهمات والإعلانات الداخلية، من مقررات طاولة الحوار بدءاً من العام 2006 وصولاً إلى «إعلان بعبدا» عام 2012. أضافت المذكرة: وقد تدرج حزب الله في غضون أسابيع قليلة من التمويه بداية على مشاركته في الحرب في سوريا، إلى الإعلان عنها جهاراً مع تزايد قتلاه في سوريا، وصولاً إلى خطاب السيد نصر الله (25 أيار- مايو الماضي)، حيث نعى الدولة ومؤسساتها والشعب اللبناني ودعا من يعتبرهم خصومه من اللبنانيين إلى النزال والتقاتل على أرض سوريا «دفعاً لبلاء حرب أهلية في لبنان». وهو بذلك إنما يقترح معادلة مذهلة في تاريخ البلاء اللبناني، هي «الانتقال من حروب الآخرين على أرض لبنان، إلى حروب اللبنانيين على أرض الآخرين». كل ذلك خدمة للنظامين السوري والإيراني على حساب لبنان. إن سلوك «حزب الله» ودعوة أمينه العام تدفع من جهة أولى نحو حرب أهلية بين اللبنانيين - لا سمح الله- وعلى أرض لبنان بلا ريب. كما أنها ومن جهة ثانية تدخل اللبنانيين ومصالحهم في أتون صراعات إقليمية يكون من نتائجها تعريض لبنان واللبنانيين إلى مخاطر مخيفة لا يمكن تقدير تداعياتها السلبية على مختلف المستويات وبما في ذلك تعريض الأمن الاقتصادي والمعيشي للبنان وللكثير من العائلات اللبنانية للخطر. أخيراً وفي سياق هذا المسلسل الترهيبي، ها هو الحزب يواصل الضغط والابتزاز لفرض حكومة جديدة على هواه لكي تواكب وتغطي حربه في سوريا.وتمنى النواب في المذكرة على رئيس الجمهورية الطلب إلى «حزب الله» الانسحاب الفوري والكامل من القتال، وكذلك إنهاء وجوده العسكري في سوريا، تمهيداً لمعالجة معضلة سلاحه في لبنان، وذلك تحت طائلة المسؤولية المتعلقة بمصلحة الدولة العليا وكيان الوطن وسلامة المجتمع اللبناني. ثانياً: الأمر بانتشار الجيش اللبناني على طول الحدود الشمالية والشرقية (مع سوريا) - فضلاً عما هو قائم جنوباً وغرباً - وطلب مؤازرة القوات الدولية وفقاً للقرار 1701، وضبط المعابر والحدود اللبنانية بالمقدار الواجب والمطلوب. ثالثاً: إعمال حكمتكم وشجاعتكم وصلاحياتكم لإنقاذ لبنان والعمل على تسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف بتشكيل حكومة منسجمة تتبع نهج الحياد و»الانحياز» للمصلحة الوطنية العليا، من أجل وقف الانهيار واستنهاض اللبنانيين المتطلعين إلى الابتعاد عن حافة الهاوية. ومن الواجب والمنطقي أن يكون «إعلان بعبدا» برنامجها وتوجهها الوطني الوحيد، بالإضافة إلى بديهيات واجباتها الأخرى.