لم يعد في إمكان حزب الله إخفاء دوره المشبوه في إراقة دماء الشعب السوري، واستمرار معاناته من خلال دعمه المباشر، وتوفير الحماية لنظام بشار الأسد، وذلك بعد احتلال قوات الحزب 8 قرى في ريف حمص في محيط بلدة القصير تحت مبرر دفاع الحزب عن سكان لبنانيين شيعة، لهم بيوتهم في سوريا، ويتضامنون مع الحزب، فيما يعتبر في حقيقة الأمر تدخلاً سافرًا في الأزمة السورية. في الوقت الذي عبرت فيه الحكومة اللبنانية، ومنذ بداية الأزمة عن التزامها الكامل بسياسة النأي بالنفس عمّا يحدث في سوريا، مع ملاحظة أن هذا التدخل المسلح السافر من حزب الله، جاء بعد فترة وجيزة من لقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بالمرشد الأعلى لدولة إيران علي خامئني، وقائد فيلق القدس قاسم سليمان الذي أشارت إليه المصادر الإخبارية بهدف تحويل إستراتيجية الدفاع مع سوريا إلى هجوم لتغيير موازين القوى، بعد تزايد الدعم العربي والدولي للمعارضة السورية. هذا التدخل المباغت ينطوي على مخاطر عديدة، فعدا اعتباره بمثابة إعلان حرب من قبل حزب الله على الشعب السوري، فإن استمراره سيفتح المجال أمام جر المنطقة إلى صراع مفتوح على احتمالات كلها مدمرة، إلى جانب اعتباره خروجًا عن إعلان بعبدا، وتعريضه السلم الأهلي والاستقرار اللبناني إلى الخطر، وعرقلته مهمة رئيس الوزراء المكلف تمام سلام في تشكيل حكومة التوافق اللبنانية. كما أن تورط الحزب في القتال في سوريا سيؤدي إلى نقل الحرب في سوريا إلى لبنان، وإلى توسيع رقعة الفتنة الطائفية في المنطقة. ما يجري الآن في محيط بلدة القصير في ضوء التطورات الأخيرة لا يخرج عن كونه خطة خبيثة لوضع قوات الجيش السوري الحر في تلك المنطقة بين فكي كماشة جيش النظام وقوات حزب الله، وأيضًا محاولة لصرف الجيش السوري الحر عن مقارعة النظام إلى المواجهة مع حزب الله، وبالتالي دفعه إلى خوض معركتين في آن، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك أيضًا من نقل المواجهة العسكرية من الأرض السورية إلى الأرض اللبنانية، بعد أن أصبح حزب الله طرفًا أساسيًا في المواجهة العسكرية الدائرة في سوريا، وهو ما يتطلب تدخلاً سريعًا من الجامعة العربية.