من المؤسف أن الصدى الجميل الذي لا زال باقياً في ذاكرة المتابعين لبينالي البندقية تجاه مشاركة المملكة عام 2011 بعمل مشترك بين الأختين رجاء وشادية عالم والذي حمل عنوان الفلك الأسود، لم يواصل دوره ليكمل دائرة الانتشار، وإثبات مكانة المملكة في مثل هذا المحفل العالمي الشهرة، التاريخي الحضور، ليغطي بقية المساحات من عقول المهتمين بثقافات وحضارات المجتمعات التي تمثّلها الفنون، ولم نعد نرى أي اهتمام أو حرص من الجهة المعنية بهذا الفن على الحضور في هذه المناسبة التي يتنافس عليها ثماني وثمانون دولة عالمية، من بينها جمهورية مصرالعربية التي شاركت بعمل بعنوان (خزائن المعرفة) للفنانين خالد زكي ومحمد بنوي. إضافة إلى الإمارات التي تعد أول دولة خليجية تمنح عقد ضيافة طويل الأمد، حيث يضم جناحها لهذا العام عملاً فنياً بعنوان (المشي على الماء) للفنان الإماراتي محمد كاظم، كما تشارك البحرين بثلاثية هي الأولى لها. غياب يطرح علامات استفهام كبيرة أمام التشكيليين في الداخل، وأمام من يرى أن للمملكة ثقلها في كل ما فيه سمات التطور والانفتاح على الآخر، عوداً إلى ثقة هؤلاء بما تزخر به المملكة من قدرات مادية تمكنها من تطوير فنونها، وبشرية بامتلاكها المواهب والفكر النير، والخبرات التي تمنحها حق المنافسة، ومن المؤسف أن يكون حضور الفن التشكيلي على هامش البينالي ومن خلال مؤسسات، لا هم لها سوى الكسب والصعود على أكتاف أبنائنا، مهما غلفت أهدافهم بشعارات الوطنية، والارتقاء بالفن السعودي المعضلة الكبرى بأن أصبح الفن من خلالها خارج دائرة التنظيم السليم فتولاه من لا يعي دوره، وأصبحنا نشاهد ما ليس له علاقة بالفكر والثقافة والقيم والتقاليد، ينشرها من يدّعون أنهم مبدعون، قليل من الأسماء، بتجارب هزيلة لا تتعدى المحاولات، خضعت للتشجيع ليس إلا. سؤال يوجه إلى وزارة الثقافة والإعلام.. لماذا هذا التخاذل والتراجع عن مثل هذه المحافل ولماذا هذا التقليل من قدرات أبنائهم التشكيليين، وماذا عن هذا التسيب وإطلاق العنان لمن هبَّ ودبَّ على أرض الفن التشكيلي، فجعل منه مطية لمآرب أخرى، دون أن يلتفت أولئك إلى شروط وضوابط المشاركات والحضور الدولي. كيف يتم الحرص على الكتاب أو الرواية وبطبق عليها الأنظمة، بينما يترك الفن التشكيلي لمن يسرح به ويمرح، حاملاً الأخطاء والصفة غير المطابقة لواقعنا، تحت مظلة أن للكل الحق في ممارسته؟ هل يعني هذا أنه فن الترفيه وإشغال الوقت..؟ فإن كان الأمر كذلك فأين هم من يتسابقون على أن يكون لفنانيهم مواقع في المحافل الدولية في بينالي أو متحف. أختم هنا أن عزاءنا في ما قدّمته الفنانة إيمان الجبرين من عمل صادق الفكرة وصادق الهدف، وجد من يصغي إليه باحترام.. قدمته بشجاعة الواثق من أصالته، حتى لو كان ذلك العمل خارج أسوار بينالي البندقية، فالحوم حول حمى البينالي اليوم سيمنح مثل هذه الفنانة الدخول إلى أعماقه.. فقط بمنحها ومثيلاتها وزملاءها التشكيليين الفرصة ضمن الإطار الرسمي وبدعم سخي يليق بإبداعنا، حتى لا تضيع جهودهم في مصالح الآخرين. [email protected] فنان تشكيلي