دعني أحدثك يا مطر.. فحين تأتي تشلُّ فيَّ كلَّ حس بغيرك.. توقف كلَّ نبضةٍ لكَ.. تهيمن على مكنون الفكر.., والوجدان.., ودهشة النفس.., وتوجه الكفين..! أسرع إليك لتغسلني.. أشعر بطهرٍ له برقٌ دافقٌ حميمٌ.. أحسُّ بيد الله الكريم تربِّت على خشيتي.., وهلعي.. تتضاعف داخلي مساحاتُ الاحتواء.. أكون غريبةً عن نفسي.. أكون قريبة منها.. وبك أكون أضعف.., وأقوى..، أخوف.., وأثقل.., أخف,..ذات أجنحة لا جناحين..! أنتَ بكل قطرةٍ منكَ رسائل أجمعها في وعاء.. وحين تصمت..،.. تمضي.., حين تذهب.., تغيب.. أبل بها كفيَّ،..وجبهتي... عند سطوة الجفاف أفعلُ....! عرفتك يا مطر، وقد كنتُ طفلة تفزع في حضن أمها..،أو أبيها من شحنات البرق تصك فضاء الرؤية في ناظريها..., فتبكي.. كان البكاء بشير قدومك.., إذ كنت قد تعودت بين يديهما أن بعد الفزع, ستأتي أنت،.. و سيرشقانني هما بقطراتك.. منذ ذلك.., كبرتُ وقد عرفت الفرق بين دموع الخوف.., ودموع الغيمة..! هذا الصباح، وأنا أخط حروفي هذه.., كلَّ ما فيَّ هو في وداعة هيمنتك.. والرياض تضج فرحة بكَ.. هذه الرياض..الرياض.. وأنا لا أملك قدرة على الخروج من حضورك.. وجمال أسبلته على أركانها..,وشجرها.., وفضة سمائها.. ليس عبثا أن يكون الحرف لك...,وعنك.., ومعك أيها المطر.. عطر الروح..., وكفُّ الفرَّان..., ونسيج الحائك.., ومفتاح الحداد..., وباب النجار... وجدول النهر الذي يروي ما بين الأرض نستقبلك إليها.. والنفس تبسطها بين يدي جمالك.. وفتنتك.. مع كلِّ طرقة تحذير منك، وهمم مواجهة تدفقكَ.. أنت المطر، نكهة الياسمين..، وزخم الطين.., بخور أبواب الخشب..وأدخنة جنيّات الفكر..! فسبحان من أنزلك من المزن.. سبحان من فاض بك غيثه، وأنعمَ... عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855