كأنها كامنة في مستودع.. أو ملتحفة خمُرَ الاختفاء.. أو هاربة بلا نيَّة في عودة.. حتى إذا ما جاءت المطر، بيدها الممتدة بسلامٍ ريان ٍ انتشلتها من مستودعها فانطلقت.., مزّقت خُمُرَها فتجلَّت.., عادت راكضة كما الأطفال لا تعبأ بصمت، ولا تصمت بعقل.. فُكَّ إسارُها.. وبُسطتْ نفوسُها، وضحكت شفاهُها.., وفرِحت نفوسُها.., وغُسِلت أدرانُها, وتطهّرت من كدرها، وأشرقت سُحناتها.. هي كلُّ هذه النفوسُ في بواطن الفرحين بالمطر،.. وهو يزيِّ الرياض يثوب الفرح، يتوِّجها بإكليل الرّواء.. الناس انطلقت فرحةً، تداعبُ المطرَ،... تستقبلُ النّسمات الباردة المثلَّجة بطفولة ٍ اختبأت ردحاً من الزمن في طيّات دواليبه.., في بؤر الكدِّ، وحاجة المعايشة..! نسي الناسُ كيف يفرحون.. شغلهم المرور المتسارع عبر مفاصل التحوُّلات وهي تزأر حولهم، لا تترك ركناً هادئاً في جوفهم.. يحملون همَّ اليومِ..., وتفكُّرِ الليلِ.. وكيف يواكبون ركضاً حميماً في مضامير ما استجدّ صوتاً.., وصورة.., حضوراً، ومنقولاً.., ذهبوا يتراكضون.. ونسوا النفوسَ حبيسة الرّهق .., والنَّفق..,.. والزّهق..! حتى أتاهم المطر.. يطرقهم مساء الرياض حتى صباحها.. وصباحها حتى غسقها.. وسحرها.., وفجرها.. نزل بهم المطر.., أناخ حتى في الثقوب.., والجيوب.. ومزاريب الخيام.. والبيوت.. حتى ثقوب الطين في أطلال من بانوا..!! فزالت غشاوة الجفاف، والغبار، والحر، والعطش عنهم.., وعنها.. حلَّ بهم الفرح .., والنشوة.., والطفولة.. تحوّل الكبار لصغار.. يركضون تحت المطر..! وأندس الصغار في كنف دافئ يستروحون حنين المطر..! لكأنَّ المطر يدٌ مسحت على الأصفر في شحوب الجفاف ليغدو رونقاً.., وبهاءً... أنشودةٌ هو جوُّ الرياض في بارحة المطر..، وصبحه.. ومسائه.. ساحرةٌ أجواءُ الرياض بعد المطر، وحين المطر..! ناطقةٌ بكلِّ سُلاماتها، وفسائلها، وذراتها.. ولغاتها بهبة الله ،.. غيثه، وعطاؤه.. يا سبحانه.. عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855