صدر حديثاً المجموعة الشعرية الرابعة للشاعر السعودي نايف الجهني بعنوان « حَنين بَري» عن الدار العربية للعلوم ناشرون. المجموعة التي أهداها الشاعر إلى «رفاق الدرب والأصدقاء.. بلا استثناء» تحتوي على 30 قصيدة .وفي معظم قصائده يبحث الشاعر عن الحياة والوجود يغوص في تفاصيل الكون والخلق. الطبيعة وتفاصيل الحياة حاضرة في قصائده التي تراوحت ما بين النصوص القصيرة والطويلة. المجموعة التي تلت مجموعة هدى التي نشرها أبريل الماضي تتمحور حول الفلسفة في العلاقة الجدلية بين تفاصيل الحياة الخارجية وتفاصيل الداخل الذي يبصر الشاعر عبر رؤيته الكون مختلفا وممزوجا ببعض قطرات عشقه للحياة التي تظهر في المكونات الطبيعية للمجموعة ، وعبر الإيقاع التفعيلي الذي لم يكن مشدودا كما في «هدى» وإنما اقترب في موسيقاه من قصيدة النثر بتوزيعاتها الهادئة وصورها المكثفة . بينما افتتح ركضه الشعري وتأملاته الكونية ب»حقيقة «: وبِلا مَددْ..عَلَمْتَ صمتَك أنْ يكونَ كتابتيْ.. وتَعلَّمَتْ منك الكتابةُ أنْ تكونَ بلا بَلَدْ !! ذِهنْ وأنا المؤجلُ في غيابِك مرّني بعضُ الغيابِ..ورَّدني لليلِ سقفٌ من ضحاكْ امضي ويتبعنُي سِواكْ !! وفي قصيدة « وعي» : « لا وقت يحتمل الرجوع إلى الحكاية ، كي يعد الطفل فيها من جديد، كنا نغني لارتواء حنينه، ونشد للوتر المعلق في متاهته، مسافات الرحيل من النشيد إلى النشيد». يختم الجهني مجموعته بقصيدة «سهر» التي قسمها إلى 9 مجموعات ومما جاء فيها: « أكابر حين يمرون قلبي، بحبر اللهاث الحميمي، وأنهر وجهي : لم النبض موج تيبس فيك، احتمالاً يقلب كل احتمال، اكابر كي لا اصير الشموس التي لا تحلقُ بالضوء فوق الجهات البعيدة، وهم يصبحون لصوتي البديهي ظلاً، وصوتي قصيدة». وجاء في قصيدة تبرزفي فلك المجموعة كومضة استثنائية : «أنا شاعر البرد../ أدفء ليلي بجمر الحكايات / حتى يكون / وأحمل ظلي / كظلٍّ يُعلِّقُ شمس المسافة بين الغصون / أنا شاعر الورد / كفّي استعادَ الصباح خيالاً / وبعض احتفاءْ!! / أكون لحبري../ وحبري يكونُ لهمْ مثل ماءْ! / أنا شاعرُ الصمتِ لا يحتويني بِهمْ مِثْلُ عيني / تصبُّ الملامح فوق الدفاتر صبَّ الأرق!/ أنا شاعر ماتَ فيه الحنينُ / وعاش القلق!!». وبهذه الكلمات يُعبر الشاعر نايف الجهني عن قلقه. وهو يتحسس طبيعة الشرط الإنساني بكل عبثيته ولا جداوه على نحو استثنائي. إنه بحث فريد عن وجوه الحقيقة الإنسانية تبدو معه قصائد المجموعة كما لو كانت رحلة طويلة شاقة لاكتشاف الذات. لمعرفة الكينونة الإنسانية في علاقتها الملتبسة مع الموت والروح والحياة عموماً. وعلى هذا المنوال تسير قصائد «حنين برّي» وهي تساءل عالم الإنسان بكل ما فيه من ألم وفرح، ومعنى ذلك كله. «أنا لي سؤالي../ والسؤال لكل من يرمي على الغايات في المنفى حَجَرْ / أنا لي غيابي ../ والحضورُ لكل ما يغتالُ ما يُدْنيهِ من وهم الحياة أو الضجَرْ!». يضم الكتاب ثلاثون قصيدة نثرية تراوحت بين الطول والقصر نذكر من عناوينها: «حقيقة»، «صوت»، «حب اخر»، «قصيدة»، «ذهن»، «وعي»، «موت»، «حياة»، «دعوة»، «مواجهة»، «أنا»، «نداء»، «عناق الصور»، «أجنحة»، «كُنْ يا نايف»... إلخ.