اطلعت على تعقيب الأستاذ عبد الله بن بسام البسيمي. في العدد14702 السبت 16 /2 /1434ه، على ما نشرته في هذه الصحيفة الغراء بالعدد 14682 موضحا أن المكشحة هي بلدة الفشخاء الموجودة حاليا وليست روضة حطابة كما يقول الأخ البسيمي.. وحيث إن لي على تعقيبه بعض المآخذ فإنني أقول وبالله التوفيق: أولاً: إن مما يثير الاستغراب أن من عاصر تلك المرحلة وهو الحفصي الذي عاش في القرن الثالث الهجري يقول: بأنها على جزع الوادي قريباً من أشي، ثم يأتينا البسيمي بعد أكثر من ألف عام ليقول بأن المكشحة هي حطابة..!! إن روضة حطابة يا أخانا البسيمي تقع شمال شرق بلدة الخيس، بعيدة عن أشي وعن هذا الوادي، ولاينطبق عليها وصف موقع المكشحة ممن عاصروها. وفي جزع الوادي يعني جهته وليس كما وهم البسيمي. ثانيا: الشيخ عبد الله بن خميس، وهو المؤرخ والبلداني المعروف قال في معجم اليمامة ص386 ( لا شك أن المكشحة في وادي المشقر. وادي المجمعة...). فلم يقل ابن خميس بأنها في حطابة لمخالفة ذلك لأقوال من عاصروها من البلدانيين القدامى كالحفصي، وابن خميس وكما قال البسيمي مطلع على تاريخ ابن عيسى ونقل عنه بعض النصوص لذا فهو لم يلتفت إلى تلك الرواية لبعدها عن الواقع. ثالثا: ما استند عليه البسيمي. وهو رواية المؤرخ إبراهيم بن عيسى عن عثمان بن أحمد أن المستفيض عند أهل المجمعة المتأخرين أن المكشحة هي حطابة. ليس صحيحا وينقضه الواقع ووثائق أهل المجمعة في تلك الحقبة التي عاشها ابن أحمد وابن عيسى في القرن الرابع عشر الهجري، وقد أوردت وثيقة منها في مقالي السابق بتاريخ 1345ه، كما أوردت شواهد من القصائد التي قيلت في تلك الفترة، وكلها تطلق على تلك الروضة روضة حطابة وهو المستفيض عند أهل المجمعة آنذاك، وليس المكشحة كما ذكر البسيمي. والعجيب أن البسيمي استنتج من تلك الوثيقة التي أوردتها. أن هناك آبارا في حطابة، وإمكانية وجود نخل في القديم، وحياة زراعية هناك.. ولو كان البسيمي يعرف حطابة حقيقة لما قال ذلك فحطابة روضة ليس بها آبار يمكن أن تقوم عليها زراعة لا في الماضي ولا في الحاضر، وإنما هي رسوس في أحضان الجبال تتلقف مياه الأمطار في الشتاء وتردها البادية في الصيف.. رابعا: يستغرب البسيمي فهمي بأن المكشحة بلد كما في بيت ابن منقذ: ياليت شعري عن جنبي مكشحة وحيث يبنى من الحنائة الأطم ولا يلبث أن يناقض نفسه بعد سطور فيورد نص الأصفهاني المتوفى عام310ه وهو( ثم وادي الكلب ثم القلعة ثم أشي وهو وادي للأحمال من بالعدوية..) وأبيات زياد بن منقذ التي منها: وحبذا حين تمسي الريح باردة وادي أشي وفتيان به هضم أقول هذا زياد بن منقذ وهذا الأصفهاني يقولان وادي أشي ولم يقولا بلد أشي، فهل يعني ذلك أن أشي ليس بلدا معروفا منذ القدم..؟! خامسا: ذكر البسيمي بأن الفشخاء هي بلدة القلعة القديمة، وهذا غير صحيح، فالقلعة التي وصف مكانها الأصفهاني في القرن الثالث الهجري بقوله (ثم وادي الكلبي ثم القلعة ثم أشي..) هي حسب هذا الوصف بلدة العلاوة الحالية. فهي التي شمال وادي المشقر مابين الكلبي وأشي. أما الفشخاء فهي جنوب وادي المشقر، وبذا لا تكون بين الكلبي وأشي. لأن الكلبي ينتهي في المشقر من الجهة الشمالية.. كما أن هذه الوثيقة التي زودني بها الأستاذ عبد الرحمن الشبيعان. المكتوبة قبل مائتي عام بقلم الشيخ عثمان بن عبد الجبار. قاضي المجمعة. حول بيع عقار في بلدة الفشخاء. من شهودها عبد الرحمن بن ناصر ( إمام القلعة ) هذه الوثيقة نؤكد أن القلعة غير الفشخاء. سادسا: ما استنتجه البسيمي من نص الأصفهاني بأن خط السير في وادي المشقر فيما بين حرمة وأشي لايوجد فيه موضع اسمه المكشحة. غير صحيح. بدليل نص الحفصي عن وجود المكشحة، وبدليل ما أورده الهمداني المتوفى عام 334ه وهو معاصر للحفصي وللأصفهاني عن وجود بلدتي منيخين على هذا الوادي يقول الهمداني (ثم أشي ثم الخيس.. ثم تيامن كأنك تريد البصرة فترد منيخين، وبمنيخين نخيل..) ومنيخين هما بلدتين على وادي المشقر تداخلتا فيما بعد تحت مسمى واحد هو بلد منيخ الذي تحول بعد قرون إلى المجمعة الحالية. سابعا: لقد أوردت في مقالي في العدد السابق العديد من أخطاء ابن عيسى وعدم تحرزه في نقل الروايات مما تم تصحيحه في تاريخ المجمعة ممالا داعي لإعادته هنا، وهذا في ما دونه ابن عيسى عن بلد واحد فقط فما بالكم فيما كتبه من أخطاء عن البلدان الأخرى..؟؟ فضلاً عن قيامه بتضمين كتاب تاريخ الفاخري في مؤلفة دون الإشارة إليه.. كما نوه عن ذلك الشيخ عبد الرحمن التويجري في كتابه الإفادات. أقول إذا كان التنبيه عن تلك الأخطاء يُعد إساءة للمؤرخ ابن عيسى في نظر البسيمي، فهذا شأنه، ولكن الوصول إلى الحقيقة فوق كل اعتبار. والله الموفق. حمود بن عبد العزيز المزيني - المجمعة