ترسَّخت لدى المحللين الإستراتيجيين والباحثين والمراقبين السياسيين، بدهية أصبحت لازمةً تحضر في جميع التقارير التي تتحدث عن الأزمات والمشاكل التي تشهدها المنطقة العربية، فعبارة «فَتشْ عن إيران» مُثبتة في جميع تلك التقارير التي وصل واصفوها إلى حقيقة ثابتة في كل ما بحثوه من أزمات شهدتها الدول العربية من أن لإيران دوراً في تفجير تلك الأزمات. آخر أدوار إيران التخريبية - ما تشهده اليمن من تدخلات خطيرة، سواء في شمال اليمن من خلال دعم سعي الحوثيين إلى إقامة جيب طائفي في شمال اليمن على الحدود المتاخمة للمملكة العربية السعودية في الجنوب - تصاعد التدخل الإيراني في مساندة جهود الانفصاليين في الجنوب، سواء من خلال تقديم الأموال وحتى الأسلحة لما يُسمى بالحِراك الجنوبي الذي أعلن بوضوح بأنه يسعى إلى تشطير اليمن بالدعوة إلى ما يُسمى ب(الاستقلال). ونفضَ الإيرانيون الغبارَ عن «الزعيم» الانفصالي علي سالم البيض، وأحضروه إلى بيروت حيث يحظى بحماية وحراسة إيرانية، وأنشأوا له محطة تلفزيونية فضائية تبث خطط وبرامج الانفصاليين، ويتولى علي سالم البيض شخصياً، توجيه خُطب تحريضية تدعو اليمنيين الجنوبيين إلى تخريب جهود المبادرة الخليجية وعرقلة تنفيذ بنودها، وتحثهم على تنفيذ خطوات الانفصال عن اليمن، والعودة إلى ما قبل منتصف عام 1990م، عندما توحَّدت اليمن يومها كان علي سالم البيض رئيساً لليمن الجنوبي، وأبرمَ مع الرئيس السابق على عبد الله صالح اتفاق الوحدة. وكان علي سالم البيض قد أجهزَ على شريكه في الحكم الجنوبي في 13 كانون الثاني - يناير عام 1986م الرئيس محمد علي ناصر بعد مجزرة تصفية للماركسيين بعضهم البعض، وهو أسلوب دأبَ عليه حكام اليمن الجنوبي قبل الوحدة اليمنية، فقبل الإطاحة بمحمد علي ناصر تمَّت تصفية مجموعة من قادة اليمن الجنوبي الماركسيين على أيدي رفاقهم من نفس التوجه الأيديولوجي، وعلي سالم البيض أحد هؤلاء القتلة الذين يريدون إعادة جنوب اليمن إلى دكتاتورية الماركسيين وأسلوب التصفيات الدموية. علي سالم البيض رددَ أكثر من مرة أنه على استعداد للتعاون مع الشيطان، لتحقيق الاستقلال لجنوب اليمني، ويعني بالاستقلال الانفصال، ولهذا لم يتوانَ في التعاون مع الشيطان الإيراني الجاهز دائماً لإثارة الفوضى والاضطراب في الدول العربية، فبعد البحرين والعراق وسوريا ولبنان والسودان، ها هي أصابع الشيطان الإيراني تمتد إلى اليمن شمالاً وجنوباً، مما يستدعي وقفة عربية جريئة للضغط على حكام إيران بوقف تدخلاتهم المشينة في الشؤون الداخلية للدول العربية والتي جلبت القتل والدمار للمجتمعات العربية، وأثارت الشقاق والخلاف بين أبناء البلد الواحد، ويكفي أن تُلقي نظرة على ما يشهده العراق ولبنان والبحرين واليمن من خلافات، وصلت إلى حدّ الاحتكام للسلاح، لمعرفة التأثير السلبي لتدخلات إيران التي أصبحت المُحرِّض الرئيس، إن لم يكن الوحيد لكل ما يحصل من مشكلات في الوطن العربي. [email protected]