احتشد مئات الآلاف من اليمنيين الجنوبيين في مهرجان كبير أقيم بعد ظهر أمس في مدينة عدن، دعت إليها فصائل «الحراك الجنوبي» تحت مسمى «مهرجان التصالح والتسامح الجنوبي» في ذكرى مرور 27 عاماً على الأحداث الدامية التي شهدها الجنوب اليمني في 13 كانون الثاني (يناير) 1986 بين فرقاء «الحزب الاشتراكي» الذي كان يحكم الجنوب إلى ما قبل الوحدة اليمنية منتصف 1990. وشهد المهرجان الذي أقيم في ساحة العروض بعدن فعاليات عدة، ورددت خلاله شعارات تطالب بعودة الدولة الجنوبية، والانفصال عن الشمال، وحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم. ورفع المشاركون الذين توافدوا منذ الخميس إلى عدن من جميع المحافظات الجنوبية أعلام «الجنوب»، وصور عدد من زعماء «الحراك» وفي مقدمهم الرئيسان الجنوبيان السابقان علي سالم البيض وعلي ناصر محمد، بالإضافة إلى صور رئيس الوزراء الأسبق حيدر أبوبكر العطاس، وزعماء فصائل «الحراك» في الداخل والخارج. وبالتزامن مع المهرجان، عقد السفير الأميركي في صنعاء جيرالد فيرستاين مؤتمراً صحافياً في مقر السفارة اتهم خلاله البيض بتلقي دعم من إيران بغرض فصل الجنوب، وقال إن الزعيم الجنوبي «يسكن في بيروت ويتلقى دعماً مالياً من إيران. ليس لدينا شك في تقديم البيض الدعم إلى الحراك الانفصالي، وسيكون مسؤولاً عن ذلك». وأضاف: «إننا قلقون من الدور الإيراني في اليمن، وهناك براهين على دعم إيران لبعض العناصر المتطرفة في الحراك الجنوبي بهدف إفشال المبادرة الخليجية». وكانت عدن امتلأت بأعلام «الجنوب»، وجرى إنزال علم الدولة الموحدة من فوق بعض المباني الحكومية، بما في ذلك مبنى مديرية أمن محافظة عدن القريب من ساحة المهرجان في حي خور مكسر، ورفع بدلاً منه علم «الدولة الجنوبية» السابقة. وعلمت «الحياة» من مصادر محلية في عدن أن توجيهات عليا من صنعاء أرسلت إلى أجهزة السلطة المحلية والأمنية بعدم التعرض للمشاركين في المهرجان، أو محاولة منع أي تصرفات أو نشاطات «انفصالية» يقوم بها المشاركون. وألقيت في المهرجان كلمات قياديين في «الحراك» أكدت أهمية «التصالح والتسامح بين أبناء الجنوب» من أجل الوصول إلى استعادة الدولة الجنوبية، والانعتاق من نظام صنعاء، وتم بث خطاب مسجل للبيض الذي يقود تياراً لفك ارتباط الجنوب عن الشمال، جدد فيها موقفه الرافض لحل القضية الجنوبية عبر الفيديرالية، مؤكداً مطالبته بالاستقلال، وقال إن «لدينا إمكان لإقامة أجهزة الدولة في فترة قصيرة». وحدد البيض نظام «الدولة المستقبلية» في الجنوب بأنه «برلماني تعددي ديموقراطي، وفيديرالي في إدارة المحافظات»، وأضاف: «علينا أن نعترف أننا بحاجة للكل ولرص الصفوف مع حوار جنوبي - جنوبي يؤكد طريق الحراك السلمي». وتابع: «أتمنى أن تكون هناك مراجعة لقضية الجنوب والبحث عن مبادرة لحلها على أساس الحل السلمي والاعتراف بالهوية والأرض واستحقاق الشعب»، محذراً من أنه «إذا لم تحل مشكلة الجنوب لن يكون هناك استقرار، وإذا لم ينصفنا العالم سنبحث عن وسائل أخرى لنسترد حقنا». وأكد البيض أنه «ليس هناك متسع من الوقت لاستمرار تجاهل قضية الجنوب والظلم الذي وقع عليه». ويأتي المهرجان الذي انطلق من جمعية المتقاعدين العسكريين في ردفان بمحافظة لحج، بهدف طي صفحة الخلافات الجنوبية التي نشأت بعد مواجهات دموية بين فصيل الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد وفصيل البيض في 13 كانون الثاني 1968 في مدينة عدن.