نسائم الربيع العربي التي هبت على العراق مبشرة بوصول الربيع العربي الحقيقي لهذا البلد الذي اختطفته المليشيات الطائفية، أثارت التفاؤل في الأوساط العربية التي لا تريد أن ينسلخ العراق من محيطه العربي ويصبح تابعاً لدولة الملالي في إيران، وهو ما أثار غضب وخوف الشعوبيين من المتفرسين الذين بدأوا يستشعرون بأن يلحق العراق بسوريا في التخلص من حكم الأقلية الطائفية التي تسلطت على الأغلبية، سواء في سوريا التي فرضت حكم 17 بالمائة من مكونات الشعب على باقي المكونات الأخرى، ومن أهمها المكون السنة العرب الذين يشكلون سبعين بالمائة من الشعب، أما في العراق فقد ابتدع الاحتلال الأمريكي ومن تعاون معه وأحضرهم على دباباته لهذا البلد العربي، حيث قسم الشعب العراقي إلى أكراد وعرب، وقسم العرب إلى سنة وشيعة، ومع أن أهل السنة من العرب يتساوون في النسب مع الشيعة بما يمثل أربعين بالمائة لكل منهما والكرد سبع عشرة فيما تشكل الأقليات الصغيرة من التركمان والزيديين والصائبة والسريان ثلاثة في المائة، ومع أن الكرد والتركمان هم من أهل السنة وهو ما يرفع نسبتهم إلى قرابة الستين بالمائة إلا أن الأمريكيين كافؤوا الشيعة بتسليمهم حكم العراق لأنهم تعاونوا معهم في بسط احتلالهم وإنجاحهم الغزو لبلادهم، فيما عاقبوا أهل السنة الذين تصدوا للاحتلال وقاوموا الغزو، مما جعل الأمريكيين يدمرون المدن السنية وخاصة الفلوجة التي لا تزال تعاني من آثار العدوان إذ توطنت الأمراض في محيطها نتيجة سرطنة البيئة. هيمنة الشيعة على الحكم في سوريا والعراق أوجد لحكام ملالي إيران موطئ قدم تواصلٍ مع جيبهم في جنوب لبنان ليتكون ما يسمى بالهلال الشيعي الممتد من طهران إلى دمشق، فجنوب لبنان مروراً ببغداد، ومع امتداد الربيع العربي إلى سوريا وهبوب نسيمه في العراق أخذ هذا الهلال يتصدع، وتكمن أهمية انتفاضة الأنبار التي تجاوبت معها المحافظات الغربية والشمالية في العراق، في أنها ستؤدي إلى قطع التواصل بين أقطار الهلال الشيعي حيث قطع المنتفضون والمتظاهرون في الأنبار الطريق الموصل إلى سوريا عبر العراق الذي يستعمل لإرسال المعدات العسكرية والمقاتلين الإيرانيين لدعم نظام بشار الأسد وقتل الثوار السوريين، ولهذا فإن نوري المالكي يهدد باستعمال الجيش وقواته لإنهاء التظاهرات وفتح الطريق عنوة حتى يستطيع إنقاذ الضلع الآخر في منظومة الهلال الشيعي. [email protected]