شكَّلت حادثة إبعاد الدكتور صالح المطلق عن تظاهرات الرمادي، وهو ابن الرمادي والنائب المُنتخب عن القائمة العراقية للمحافظة، إشارة مهمة جداً مُوجهة لكل السياسيين العراقيين الذين انتخبهم الشعب، فتخلوا عن الشعارات التي رفعوها في الحملات الانتخابية، وانشغلوا في عقد الصفقات السياسية التي انصبت على تحقيق مصالح شخصية، وابتعدوا عن المبادئ التي انتخبهم الشعب من أجلها. صالح المطلق وغيره، ممن كانوا يُحسبون على أنهم رموز سياسية للمُكوَّن المهم في المجتمع العراقي، فأهل السنَّة الذين قسَّمهم الأمريكيون إلى عرب وكرد وتركمان، فقدَوا أغلبيتهم لصالح المُكوَّن الشيعي الذي يتساوى مع العرب أهل السنَّة ب40% لكل منهما مع 17% للكرد و3% للأقليات الأخرى، بما فيهم التركمان، ولأن الشيعة تكتلوا فيما يُسمى بالاتحاد الوطني الذي أُنشئ على أعتاب «البيت الشيعي» ولأنهم يُدعمون من إيران، ووراءهم مرجعيات تمتلك النفوذ والمال، فقد استحوذَ الشيعة على السلطة، واهتم أهل السنَّة في مقاومة الاحتلال الأمريكي، ولأن الشيعة عملوا على الاستيلاء على السلطة ووضعوا جميع الوزارات والمؤسسات العراقية تحت سيطرتهم، حتى الوزارات التي يرأسها وزراء من أهل السنَّة، إلا أن وكلاء الوزارات والمديرين العامين من الأحزاب الشيعة، وبالذات من حزب الدعوة الذي يرأسه نوري المالكي. أهل السنَّة الذين تحلَّقوا خلف القائمة العراقية، ودفعوا بالدكتور أياد علاوي كمرشح ليبرالي شيعي، ظناً منهم بأن ذلك سيتيح لهم تشكيل حكومة وطنية، إلا أن أهل السنَّة الذين تخلوا عن حقوقهم، وانجرفوا خلف الشعارات الليبرالية، في حين تمترسَ الشيعةُ خلف شعاراتهم وأهدافهم الطائفية، ليحققوا تلك الأهداف، فيما انشغل القادة السياسيون لأهل السنَّة بدعم ليبرالي شيعي، دون أن يلتفتوا إلى مصالح طائفتهم، ودخلوا في صفقات سياسية تركَّزت على دعم مصالحهم الشخصية، فيما سمّوه بالمشاركة السياسية التي لم يحصلوا منها إلا على مناصب لا قيمة لها، سوى جني أموال وصفقات للذين قَبِلوا الدخول في صفقات «الشراكة السياسية». والآن، وبعد أن رسَّخ نوري المالكي سلطته بمساعدة شركائه من الرموز السياسية لأهل السنَّة، واستولى على المؤسسة العسكرية من خلال ما يُسمى بمكتب القائد العام والأجهزة الأمنية، بسيطرته المُطلقة على وزارة الداخلية عن طريق ما يُسمونه في العراق بالوكيل الأقدم، والسلطة القضائية بتعيين قضاة يُدينون بالولاء للمالكي، حتى وإن كان بضعهم من أهل السنَّة، فبعد أن حقق المالكي أهدافه بالسيطرة الطائفية على مفاصل السلطة في العراق، بدأ يتخلص من شركائه السياسيين سواء من أهل السنَّة أو حتى الكرد، فبدأ بطارق الهاشمي ثم رافع العيساوي، ويعيش خصومة مع الكرد. الكرد فَهِموا اللعبة، فأظهروا تمرُّدهم ورفضهم لإجراءات المالكي، فيما استكانَ السياسيون من أهل السنَّة ليبدأ أهلهم وناخبوهم تمرُّدهم عليهم وطردهم، حتى من مظاهراتهم والبداية كانت من الرمادي التي عُرفت برفع لواء الثورة هي ومدنها الثائرة كالفلوجة، المقاومة الأكثر صموداً للاحتلال الأمريكي. [email protected]