في إطار فعاليات معرض جازان للكتاب 2025، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، تم تسليط الضوء على موضوع "الترجمة والذكاء الاصطناعي بين دقة التقنية ولمسات المترجم البشري"، وهو أحد المواضيع الحيوية التي تثير النقاش في العصر الرقمي. هذا الموضوع يعكس تزايد دور الذكاء الاصطناعي في عملية الترجمة، كما يناقش التحديات التي يواجهها المترجمون البشر في ظل التطور التكنولوجي السريع، وتباين الأدوار بين التقنيات الحديثة والمبدعين البشر في هذا المجال. حيث أقام المعرض جلسة حوارية عن "الترجمة والذكاء الاصطناعي" التي قدمتها المترجمة والأدبية دلال نصر الله، وكانت تتحدث عن الذكاء الاصطناعي (AI) الذي أحدث ثورة في مجال الترجمة، مما جعلها أسرع وأكثر دقة بفضل تقنيات التعلم العميق ومعالجة اللغات الطبيعية. وبينت أن أدوات الترجمة الآلية الحديثة تعتمد على نماذج الذكاء الاصطناعي القادرة على فهم السياق وتحليل النصوص بطريقة أكثر تعقيدًا من الترجمة التقليدية القائمة على القواعد والمعاجم. ومن الجلسة الحوارية التي أخذت تفاصيل كثيرة عن الذكاء الاصطناعي في الدقة والكفاءة من باب الترجمة، والتحديات التي تواجهه، وأوجه التعاون بين التقنية الحديثة والترجمة البشرية. الذكاء الاصطناعي: دقة وكفاءة في الترجمة شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة وكفاءة الترجمة بين اللغات المختلفة. ناقشت الجلسة في معرض جازان للكتاب التقنيات الحديثة وكيف أصبحت أدوات الترجمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل "جوجل ترانسليت" و"ديب ترجيت"، قادرة على تقديم ترجمات دقيقة بسرعة وكفاءة، وهو ما يتيح للمستخدمين الوصول إلى المعلومات بلغات متعددة بشكل سريع. وأوضحت نصر الله أهم تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الترجمة التي تمثلت في تحسين جودة الترجمة، حيث أصبحت الترجمات أكثر دقة بفضل التعلم العميق، إذ يمكن للنماذج فهم التركيبات اللغوية واستخدام الكلمات بناءً على السياق، إضافة إلى الترجمة الفورية، مما يسهل التواصل بين الثقافات المتنوعة. وكذلك خفض التكاليف وزيادة الإنتاجية، حيث يساعد الذكاء الاصطناعي الشركات والمؤسسات على تقليل الحاجة إلى المترجمين البشر في بعض المهام، مما يوفر الوقت والمال. هذا وأوضح العديد من الخبراء أن الذكاء الاصطناعي يتمتع بقدرة على ترجمة النصوص بمختلف المجالات – من الأدب إلى العلوم – بأسلوب يتمتع بالدقة الحسابية، مما يسهل الوصول إلى المحتوى الثقافي والعلمي من خلال تقنيات مترجمة آليًا، وهو ما يعزز التواصل العالمي بين الشعوب والثقافات المختلفة. التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في الترجمة رغم هذه التقدمات، لا تزال هناك تحديات كبيرة في استخدام الذكاء الاصطناعي في الترجمة، فالتقنيات لا تزال تفتقر إلى القدرة على فهم السياقات الثقافية والنوايا الإنسانية الكامنة في النصوص. ويتفق المترجمون المختصون على أن الذكاء الاصطناعي قد يواجه صعوبة في ترجمة النصوص التي تحتوي على لعب بالكلمات، والمراجع الثقافية، أو التعبيرات الاصطلاحية التي يصعب على الآلات التقاطها بدقة. وأمام هذا التحدي، يبرز دور المترجم البشري الذي يمتلك القدرة على استشعار المعاني الدقيقة وراء الكلمات، وفهم النبرة والسياق الثقافي للرسالة، مما يضمن ترجمة أكثر إبداعًا ومرونة. وهذا الجانب البشري يعزز من تأثير الترجمة في نقل التجارب الثقافية بين اللغات دون فقدان الجوهر. وفي هذا السياق، أكدت المترجمة دلال في الجلسة الحوارية أنه رغم التطور الكبير، لا يزال الذكاء الاصطناعي يواجه تحديات في ترجمة النصوص الأدبية والشعرية بدقة، نظرًا لتعدد المعاني والرمزية الثقافية. موضحة أن الترجمات الآلية قد تؤدي إلى أخطاء في التراكيب المعقدة، كما أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يحد من دور المترجمين المحترفين. التعاون بين التقنية والمترجم البشري في سياق النقاش، تم التأكيد على أهمية التكامل بين الذكاء الاصطناعي والمترجم البشري. فالتقنيات الحديثة يمكن أن تكون أداة قوية لدعم المترجمين في تسريع وتسهيل عمليات الترجمة، لكن لا يمكنها تعويض القدرات البشرية في التعامل مع النصوص المعقدة أو تقديم الترجمة بأسلوب يراعي الجوانب الثقافية والفنية. حيث يتوقع أن تستمر تقنيات الذكاء الاصطناعي في التطور، مع التركيز على الترجمة التكيفية التي تأخذ في الاعتبار الفروقات الثقافية واللغوية، مما يجعلها أكثر دقة وطبيعية. ورغم التقدم، سيظل المترجم البشري ضروريًا لضمان الجودة والتمييز بين المعاني العميقة التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فهمها بالكامل.