أكد الروائي والشاعر البحريني الدكتور أحمد الدوسري بأن العرب لا يجيدون الحديث عن ذواتهم، وذلك في بداية حديثه عن تجربته الإبداعية التي حملت عنوان «الحياة في عنق الزجاجة»، مساء أمس، في أمسية بنادي أدبي تبوك، حيث قال الدوسري في بداية حديثه «إن العرب لا يجيدون الحديث عن ذواتهم»، ثم تحدث عن طفولته وكيف كان يعيش في عنق الزجاجة محاصراً بالإبداع من ثلاث نواحٍ، الكتابة والتصوير والرسم، فلم يكن يعلم لأي فن ينحاز، حتى سافر صديقه العُماني بأدوات الرسم والتصوير، ليجد أمامه القلم وينحاز للكتابة، ويضيف «اكتسبت عادة غريبة بفعل هذا الحصار وهي أن عيني صارت أشبه بكاميرا، فصرت أقف وأتخيّل عيني كاميرا، وأبدأ في اقتناص اللحظات لأخزنها في مخيلتي»، ويردف «كنت أعوّض حرماني من الرسم بالنظر إلى السقف وتخيُّله كلوحة، وأبدأ في الرسم في الهواء أو الرسم على الشاطئ، أو على ثيابي». ثم انتقل الدوسري لمرحلة تفجُّر الشعر مؤكداً بأنه عاش في عنق الزجاجة من خلال صراعه بين الشعر الشعبي والشعر الفصيح، فالشعبي كان يُدار في المجالس ويحاصره من كل جهة، بينما الفصيح يجده في الكتب والدراسة، ثم تحدث عن مرحلة كتابة النثر، وقال: «صراعي في هذه المرحلة جاء بعد كتابة أول قصة لي، فشعرت بالذنب تجاه الشعر والرسم والتصوير، فدخلت في حصار نفسي بعد كتابتها». بعد ذلك تطرق إلى سؤال اللغة والمكان وكيف عاش في عنق الزجاجة تجاه اللغة عندما سافر إلى الخارج وعاش في الغربة، ثم عرج على حياته العملية وكيف عمل في مكان ليس له علاقة بالإبداع، حيث عمل في مصرف إسلامي، وكيف قدم استقالته بعد أن استنزفه هذا العمل، ثم تحدث عن تجربته في السجن كمعتقل حرب. وفي مداخلة للدكتور نايف الجهني تساءل عن كيفية الحالة بين التصنيف الدائم بين الشعر والرواية والقصة والرسم، وقال: «نحن نعرف أن المبدع كائن لا نهائي وكائن يسير في حالة بعيدة عن التصنيف»، وطلبت الدكتورة عائشة الحكمي من الضيف إلقاء المزيد من الضوء على الإعداد لرواية «ابن زريق البغدادي»، وهل رأى الغرفة التي مات فيها ابن زريق؟. وفي رده على الدكتور نايف الجهني أجاب الدوسري أنه الآن في سن أسقطت فيها كل هذه الحواجز، فالإبداع فضاء، كما خلق الله لنا الفضاء كي نتأمل فيه السموات وهذا الكون الفسيح الذي كلما اخترع العلماء تلسكوباً جديداً يجدون أمامه كوناً لا متناهي، وأجاب على الدكتورة عائشة الحكمي بقوله: «لم أصعد إلى الغرفة لأنني لا أستطيع، فبعض الأماكن ترعبني فأصاب بحزن شديد عليها، ولكنني ذهبت إلى كل الأماكن التي تردد عليها ابن زريق في قرطبة مثل الجامع الكبير وقصر الخليفة، لقد قضيت عدة سنوات للإعداد لتلك الرواية حتى كتبتها». ثم ألقى الروائي الدوسري عدداً من القصائد الشعرية في نهاية الأمسية.