الدعم الحكومي للسلع الاستهلاكية وفق أسلوبه الحالي مكلف جداً للدولة، ومحدود الجدوى للمواطن؛ وذلك لثلاثة أسباب رئيسية: 1 - أن النمو الكبير والمستمر في الإنفاق الحكومي ينتج منه بالضرورة نمو كبير في إجمالي الطلب الكلي، وفي حجم السيولة المحلية؛ ما يسهل على المنتجين والتجار فرض زيادات كبيرة في أسعار السلع الاستهلاكية، تزيد من هوامش أرباحهم، وتُحِدّ من جدوى هذا الدعم ودوره في تحسين مستويات معيشة المواطن؛ بسبب عدم تمريره للمستهلك. ولا أدل على ذلك من التقرير الذي نشره متعب الجريش، وأظهر أن الزيادة الأخيرة في تكلفة أعلاف الدواجن لا تتجاوز 66 هللة لكل دجاجة، بينما الزيادة في السعر على المستهلك بلغت 3-5 ريالات للدجاجة؛ ما يعني أن المنتجين حققوا ربحاً إضافياً يصل إلى 450 %. والتقرير الذي نشره أنور بانافع، الذي قارن فيه ربحية أكبر شركة تصنيع غذائي بالمملكة بمثيلاتها في عدد من الدول الأخرى، وأظهرت المقارنة أن هذه الشركة تحقق أعلى هوامش ربحية وأعلى صافي أرباح على المبيعات بين جميع تلك الشركات. 2 - أن هذا الدعم الشامل لا يقتصر على دعم الكميات الضرورية من كل سلعة، وإنما هو دعم مفتوح لأي كمية يتم شراؤها؛ ما تسبب في استهلاك جائر للسلع المدعومة، وتفشت عمليات تهريبها للخارج؛ فزادت معدلات نمو استهلاكها بصورة مبالغ فيها، وتضخمت فاتورة الدعم الحكومي، وأهدرت الموارد الاقتصادية. 3- أن وجود ما يزيد على 15 مليون أجنبي في المملكة يعني أن الدعم الشامل للسلع الاستهلاكية، الذي لا يفرق بين المواطن وغير المواطن، يرفع العبء المالي لهذا الدعم على الحكومة بشكل كبير دون أي مبرر، كما أن وصول هذا الدعم لغير المواطن يقلل من تكلفة معيشته بصورة تجعله يقبل بأجر منخفض يضر بتنافسية العمالة المواطنة في سوق العمل، ويزيد من تشبث القطاع الخاص بالعمالة الأجنبية. ولو أصبح الدعم مقصوراً على المواطن فقط سيضطر أصحاب الأعمال إلى رفع أجور عمالتهم الأجنبية لتعويضهم عن زيادة تكلفة معيشتهم؛ ما يقلل من جاذبية هذه العمالة، ويزيد من رغبة مؤسسات القطاع في توظيف العمالة المواطنة. لكل ما سبق فإنا بحاجة إلى أسلوب دعم مختلف، يضمن وصول هذا الدعم للمواطن بقدر حاجته؛ فلا يشجعه على التبذير والإسراف في الاستهلاك. والمقال التالي سيعرض البديل إن شاء الله. [email protected] أكاديمي وكاتب اقتصادي *** on twitter @alsultanam