حديث وزارة العمل عن استبدال مفهوم الكفيل والمكفول بصاحب العمل والعامل، وعن السماح بتنقل العمالة دون إذن صاحب العمل مع عدم إلزامهم بتسليم وثائقهم الشخصية، هو خطوات جيدة لا شك، إلا أنها لا تمثل تغييراً ذا قيمة في نظام الكفيل يُحِدّ من دوره الخطير في تضييق فرص العمل المتاحة للعمالة المواطنة. فأهم تغيير مطلوب لتحقيق ذلك هو السماح للعامل المستقدم بالانتقال إلى عمل آخر دون إذن صاحب العمل؛ بحيث يتم استقدام العامل بعقد مدة سنتان، وبنهايته يحق للعامل، إن هو لم يصل إلى اتفاق مع صاحب العمل على تجديد عقدة، أن ينتقل إلى عمل آخر دون إذن كفيله أو الحاجة إلى الحصول على موافقته، وهذا الإجراء هو الأهم في أي تعديل يجرى على نظام الكفيل لسببين: 1- أنه لن يعود بمقدور صاحب العمل الاحتفاظ بالعامل الأجنبي لمدة تزيد على سنتين إلا من خلال اتفاق على أجر جديد، يعكس مستويات الأجور وفق معطيات سوق العمل بالمملكة، وليس وفق مستويات الأجور في البلد الذي استُقدم منه العامل؛ ما يعني أن أجور العمالة الأجنبية سترتفع بشكل كبير تفقدها الميزة النسبية التي تتمتع بها على العمالة المواطنة. فرغم أن كل المؤشرات تظهر أن تمسك منشآت القطاع الخاص بتوظيف العمالة الأجنبية عائد بشكل أساس إلى انخفاض أجورها إلا أن القطاع الخاص دائماً ما ينكر ذلك، ومع ارتفاع تكلفة العمالة الأجنبية سيصبح القطاع الخاص أكثر استعداداً لتوظيف العمالة المواطنة وأقل حاجة لاختلاق المبررات لتجنب ذلك. 2- أن مثل هذا التعديل سيقضي على سوق التأشيرات الحرة، وهي التأشيرات التي تصدر لمصلحة أشخاص ليس لديهم أي أعمال للعمالة التي يستقدمونها، ويكتفون بتسريحها كعمالة سائبة في سوق العمل مقابل مبالغ شهرية يتقاضونها منهم. فالسماح لهؤلاء العمال بعد سنتين من استقدامهم بنقل كفالتهم إلى جهات أخرى دون إذن صاحب العمل سيُحدّ من جدوى استصدار مثل هذه التأشيرات، باعتبار أن معظم هذه العمالة ستسعى إلى إعتاق نفسها من هذه العلاقة بالتعاقد مع جهات أخرى؛ ما يقضي على هذه الممارسات الشاذة في سوق العمل بالمملكة، ويُحدّ بشكل كبير من مشكلة العمالة السائبة. القوة التي عادة ما يدافع بها القطاع الخاص عن مصالحه، وكون هذا القطاع يعتبر الاستقدام حقاً مكتسباً لا يساوم عليه حتى وإن تسبَّب ذلك في ارتفاع معدلات البطالة وزيادة الفقر وسوء توزيع الدخل في المجتمع، يعني أن هذا القطاع سيقاوم أي تعديل على نظام الكفيل إن كان سيُحدّ من الهامش الذي تحققه منشآت القطاع الخاص من مجرد الفرق بين أجور العمالة الأجنبية العاملة لديها وبين أجورها المستحقة وفق معطيات سوق العمل في المملكة؛ بحيث تقتصر التعديلات المدخلة على نظام الكفيل على تغيير مسمى الكفيل، ونحو ذلك من تعديلات هامشية لا تسهم بأي شكل في تحسين الموقف التنافسي للعمالة المواطنة؛ فنظل في دوامة الاعتماد الكامل على العمالة الأجنبية متدنية الأجر دون أدنى اعتبار للثمن الباهظ الذي يدفعه الوطن لقاء ذلك. [email protected] أكاديمي وكاتب اقتصادي *** on twitter @alsultanam