لا تزال سوق الاسهم الأمريكية على وجه الخصوص والعالمية بشكل عام تعيش حالة من عدم الاستقرار والتذبذب عقب نجاح شركة الانترنت الامريكية الأولى AOL في شراء العملاق الاعلامي Time Warner في صفقة هي الاغلى والاكبر على الاطلاق وسبب حالة عدم الاستقرار هذه ناتج بشكل رئيسي من عدم قدرة جميع من لهم ارتباط بعالم المال والتقنية على تكوين رأي محدد ودقيق بخصوص ما اذا كانت هذه الصفقة ستنعكس بشكل ايجابي على قدرة الشركة العتيدة AOL على النمو بشكل مشابه لما كانت عليه خلال السنوات الاخيرة وعما اذا كان سعر اسهمها سيستمر في الصعود على نفس المنوال الذي كان عليه خلال السنوات الاخيرة. الصفقة ايضاً تعني ولادة مرحلة اخرى من مراحل التطور التقني والمعلوماتي في عالم الانترنت قد تتسبب في انتفاء الحاجة الى استخدام اجهزة الحاسوب لأن الوصول الى شبكة الانترنت سيكون متوافراً عبر عدة وسائل ووسائط مختلفة من مثل التلفاز والهاتف الخلوي المحمول اي ان الصفقة تعني ظهور احتمالات عديدة لم تكن تدر في خلد الكثيرين من قبل وهو امر ساهم في انخفاض قيمة اسهم الشركات المصنعة لأجهزة الحاسوب ما يمكن قوله في هذه المرحلة بالذات هو ان هذه الصفقة فريدة من نوعها وستلقي بظلال تأثيرها على سوقي الاسهم الأمريكية والعالمية وهو أمر يمكن ملاحظته في كثرة التقارير والتحليلات التي صاحبت القصة والتي حاولت التنبؤ بما سيكون عليه وضع الشركة الوليدة مستقبلا، وكيف سيتأثر المستثمرون بذلك الشيء المؤكد الوحيد هو ان هذه الصفقة قلبت كثيراً من الموازين رأساً على عقب. في هذا التقرير سنحاول التركيز على جانب ذي اهمية كبرى وله ارتباطه الشديد بالمستثمرين في هذه الشركة من خلال عرض بعض الآراء التي تحاول وضع تصور عقلاني ومنطقي لمستقبل هذه الشركة واسهمها ولكي تكون الصورة كاملة لا بد في البداية من الاشارة بشكل سريع الى تاريخ ظهور شركة America on Line وقصة نجاحها المذهل. بداية النجاح لم يكن America on Line هو اسم الشركة عند ظهورها عام 1985 بل تأسست تحت اسم كوانتوم لخدمات الحاسب, العام 1989 مثل مرحلة مهمة من مراحل تطور الشركة اذ انها في اكتوبر من ذلك العام قدمت America On Line لمستخدمي ماكنتوش وإبل وشهد شهر اكتوبر في العام 1991 تغير اسم الشركة من Ouantum الى AOL اما التداول في اسهم الشركة فلم يبدأ الا في شهر مارس من العام 1992 اذ تم طرح اسهمها للاكتتاب العام بقيمة 11,5 دولارا للسهم اما خدمة تقديم الانترنت بشكل مباشر للمستخدمين فلم تبدأ الا في شهر اكتوبر عام 1995 ليصل عدد زبائنها في شهر فبراير من عام 1996 الى خمسة ملايين ليرتفع العدد الى 10 ملايين عام 1997 ومن ثم 15 مليونا في شهر ديسمبر من عام 1998 واخيراً فان عدد الزبائن تعدى العشرين مليوناً في شهر ديسمبر من العام الماضي 1999 وهنا لا بد من الاشارة الى ان الشركة ادركت ان حجم النمو في عدد زبائنها داخل الولاياتالمتحدة بدأ يتقلص في الفترة الاخيرة مما جعلها تركز على السوق العالمية وهو ما يتبدى واضحاً في كون اكثر من 20% من زبائن الشركة هم من خارج الولاياتالمتحدةالامريكية. وهذا الارتفاع في عدد العملاء صاحبه ارتفاع خيالي في قيمة اسهم هذه الشركة, ففي خلال السنتين الاخيرتين فقط ارتفعت قيمة السهم الواحد بنسبة وصلت الى 1300%!! مما جعل هذه الشركة التي تقدم خدمة الانترنت تربح الكثير والكثير من المال على عكس معظم شركات الانترنت الاخرى ففي العام الماضي ارتفع دخل الشركة العام للربع الأخير منه الى حوالي 1,5 بليون دولار او 15 سنتا للسهم الواحد في الوقت الذي يتوقع المحللون ان تتعدى ارباح الربع الثاني من العام المالي الماضي جميع التوقعات وهي الارقام التي سيتم الاعلان عنها خلال الأسبوع القادم ويعزون ذلك الارتفاع الى حجم الاعلانات الهائل وكثرة التسوق والتبضع على الانترنت وهو ما يجعل كثير من الخبراء يشيرون الى ان السؤال لم يعد عما اذا كان سيكون في مقدور الشركة البقاء والمنافسة بل ان القول اصبح الى متى ستظل هذه الشركة هي الرائدة في عالم الانترنت؟ ويدعم ذلك قدرة هذه الشركة على التغلب على كثير من المصاعب والتوصل الى طرق عديدة لدعم النمو وهو ما تبدى واضحاً في قدرتها على جذب 3,4 ملايين مشترك من خارج الولاياتالمتحدة الى قافلة المشتركين الذين يتعدون العشرين مليون مشترك. المؤشر الآخر على ريادة هذه الشركة في عالم الانترنت هو الصفقة الاخيرة التي ابرمتها مع شركة تايم وارنر وذلك لأن جزءاً كبيراً من النقد الذي كان يوجه الى شركة AOL هو انها كانت تفتقد الى القدرة على تقديم خدمة انترنت عبر وسائل تقنية متقدمة بدلاً من الطرق التقليدية وهو الأمر الذي جعل البعض قبل اكثر من عام يتحدثون عن امكانية قيام شركات اعلامية عديدة بشراء شركات الانترنت الا ان ما حدث هو العكس اذ نجحت AOL في شراء تايم وارنر حتى تصل الى هدفها الذي اعلنت عنه مراراً وهو الوصول الى الشبكة العنكبوتية عبر التلفون والتلفاز والهاتف المحمول ووسائل اتصالية اخرى لتكريس شعارها الجديد AOL Anywhere او AOL في اي مكان. كما ان الشركة نجحت في دخول سوق ضخمة تبلغ قيمتها اكثر من بليون دولار عندما دخلت في تحالفات عديدة مع شركات كبرى من مثل Casio and Compaq Wal Mart Blockvuster. CBS. السؤال المهم السؤال الاهم الذي يطرح نفسه والذي تسبب في انخفاض قيمة السهم بحسب تداول يوم الاربعاء الى ما يقارب 60 دولاراً هو عما اذا كان في امكان الشركة الابقاء على نفس النسبة في النمو التي عاشتها الشركة خلال العام 1999؟ ذلك ان شراءها لشركة معروف عنها نموها البطيء ونعني بذلك شركة تايم وارنر قد يحد من نمو الشركة الجديدة كما ان العديدين يتصورون ان الشركة لم تعد شركة انترنت تماماً، اي انها ليست 100% شركة انترنت كما كانت عليه من قبل وهو ما حدا بالسيد بيتمان من شركة AOL أن يظهر على قناة CNN ليؤكد على ان هذا الانخفاض امر طبيعي ويعزو ذلك الى ان البعض غير قادر على وضع تصور لما يمكن ان تقوم به هذه الشركة الجديدة وهو يبدو محقا في ذلك لأن الكثيرين يرون ان عليهم الانتظار حتى يروا بأعينهم ما يمكن ان ينتج عن هذا الاندماج الجانب الأهم هو اننا نتحدث عن تصورات مستقبلية معينة كما انه لا بد من الاشارة الى ان AOL اعتادت دوماً على قلب الطاولة في وجه من انتقد كثيراً من خطواتها. كما انه لا بد من الاشارة الى ان الشركة الجديدة ستجذب نوعاً جديداً من المستثمرين ممن يقيّمون الشركة على اساس الارباح التي تقدمها للسهم الواحد بدلاً من اتخاذ مقدار النمو معيارا للاستثمار كما هو الحاصل حالياً مع شركة الانترنت. الخلاصة: ان هناك اجماعاً بين الجميع على ان شركة AOL ستستمر في نموها وجاذبيتها ولكن ليس بنفس القدر الذي كانت عليه من قبل على الاقل في ظل الخدمات التي يتم تقديمها حالياً، غير ان الأمر قد يتغير تماماً وتصبح الشركة اكثر جاذبية في حال معاينة الجميع لخدمات تقنية جديدة ومتطورة ناشئة من هذا الاندماج, وهو ما حدا باحدى شركات الاستثمار المعروفة الى ان تضع اسهم الشركة الجديدة في قائمة الاسهم التي ينصح بشرائها بقوة. والأمر المؤكد بشكل اكبر ان هذه الشركة ستظل عملاقاً قادراً على الريادة وسبق الآخرين في عالم الانترنت يدعمها في ذلك انها الشركة الوحيدة التي يدفع اكثر من 22 مليون مشترك اكثر من 21 دولاراً شهرياً للوصول الى الانترنت والاستمتاع بما هو متوافر عبر الانترنت عموماً وعبر موقع AOL بشكل خاص.