للموافقة على الاندماج الذي تم الإعلان عنه في شهر يناير الماضي بين شركتي «America on Line» و«Time Warner» والذي تبلغ قيمته ما يقارب 104 بلايين دولار، اشترطت وكالة الاتصالات الاتحادية الأمريكية على شركة AOL ان تسمح لمستخدمي الإنترنت الذين يحصلون على منفذ الدخول إلى الشبكة العنكبوتية عبر شركة AOL أن يكون لهم حق استعمال برامج الاتصال اللحظي الأخرى، أو ما يعرف ب«Instant Messaging» إذ حاولت شركة AOL مراراً منع زبائنها من استخدام برامج الاتصال اللحظي IM التي توفرها شركات أخرى منافسة، والحقيقة انه لا غرابة من وراء هذه الحرب المستعرة على مثل هذا النوع من التواصل الإلكتروني الذي ابتدعه شخص فنلندي عام 1988 معتمدا على مبدأ «تبادل الحديث عبر الإنترنت IRC، ذلك ان أعداداً متزايدة من مستخدمي الشبكة العنكبوتية تقبل على استخدام هذا النوع من التواصل، وما يتميز به هذا الضرب من التراسل الإلكتروني هو انه لحظي أي انه يعتمد على التبادل المباشر للرسائل على عكس الرسائل الإلكترونية والتي يتعين عليك ان تنتظر لبعض الوقت كي تحصل على الرد، هذا ان كنت محظوظاً وجاءك ذلك الرد، ومثل هذا الشرط الذي وضعته وكالة الاتصالات الاتحادية الأمريكية على رأس قائمة المتطلبات التي يتعين توافرها لتمرير الموافقة على هذا الاندماج تعكس ضخامة السوق القائمة على مبدأ التراسل اللحظي من الناحية المادية، إذ تتوقع إحدى الشركات المتخصصة في إجراء الدراسات المتعلقة بالشبكة العنكبوتية ان ينمو حجم الأعمال المتعلقة بالرسائل اللحظية بمعدل 140% سنوياً خلال خمس سنوات قادمة مع وجود توقعات بأن يرتفع عدد مستخدمي مختلف برامج الرسائل اللحظية من حوالي 6 ملايين عام 2000 إلى ما يقارب 180 مليون شخص خلال عام 2004، الجانب الآخر المتعلق بتقنية الرسائل اللحظية والذي كان سبباً رئيسياً في توسع حجم السوق المالية المرتبطة بها هو ذلك التنوع الملحوظ في استخداماتها فهي لا تقتصر على مجرد المحادثة فقط chat بل وتتعدى ذلك لخدمة الزبائن إذ يُمكن لمثل هؤلاء الزبائن ان يبقوا على اتصال مع مشرفي خدمات العملاء بدلاً من الانتظار على الهاتف، كما انه يمكن استخدام هذه التقنية في تطبيقات التعلم عن بعد Distance Learning، في هذا المجال تبرز شركة AOL كلاعب رئيس في هذا المضمار فهي تمتلك أشهر برنامج اتصال لحظي ألا وهو ICQ الذي يمكن نطقه على شكل I SEEK YOUوالذي قامت بإنتاجه شركة إسرائيلية صغيرة، وهناك أيضاً برامج اتصال لحظية مجانية من yahoo وMSN، فيما يتميز ICQ بكونه الأفضل يتفوق برنامج yahoo messenger بأنه الأسهل في الاستخدام، ولأنه كان هناك جانب كبير من المتعة في استخدام تطبيقات الاتصال اللحظي، فإن للأمر مثالبه أيضاً فهو في كثير من الأحيان مضيعة للوقت إن تم استخدامه من دون تعقل كما ان مسألة الطباعة على لوحة المفاتيح لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بسهولة البقاء على اتصال عبر التخاطب المباشر، وهناك أيضاً حقيقة عدم قدرة مستخدمي برنامج اتصال لحظي ما على الاتصال بمستخدمي برنامج آخر، وتبرز في هذا الشأن حقيقة رفض شركة AOL لمحاولات الشركات الأخرى تزويد برامجها بخصائص تسمح بمثل هذا النوع من الاتصال على مستوى مختلف البرامج مُعللة ذلك بحرصها على الاعتبارات الأمنية إلا ان الشركات الأخرى تشير إلى ان AOL تعمد من وراء ذلك إلى حماية نصيبها من هذه السوق، وأخيراً فإنه ما من شك في ان هذه التقنية الجديدة نسبياً مؤهلة لأن تُحلق عالياً في سماء الإنترنت مع إمكانية ولادة تطبيقات جديدة لم نكن لنسمع بها من قبل،