يطل علينا العيد مشرقاً بالفرح والسرور وكما ورد في الأثر أنه يوم الجوائز حيث يفوز الصائمون نهار رمضان المتهجدون ليله فبعدما يخرج المصلون من مصلى العيد تبشرهم الملائكة بالفوز والقبول فتتلألأ الوجوه مستبشرة وضاءة إذ وفقها الله للعمل والجد في موسم الخير شهر رمضان. ويوم العيد تتمة الخير يظهر فيه المسلمون بمظاهر الجمال والخير والإحسان ترى المسلمين يختمونه بزكاة الفطر وهي طهرة للصائم وطعمة للفقير في يوم العيد هناك مظاهر جميلة تناسب ذلك اليوم المبارك فتجمع المسلمين في المصلى والتهنئة ومظاهر الحسن عليهم من لبس جديد وتطيب وابتسامة فرحة وتلاقي لأهل الحي والأقارب والأصحاب ومن المشاركات الجميلة لأهل الحي إخراج طعام العيد في شوارعهم ليشاركهم كل من يمر في الانبساط والأنس. وهاهي جريدة الجزيرة تشارك المسلمين في التهنئة والفرح بقدوم العيد ونأخذ رأي عدد من الأخوات الداعيات حول مظاهر العيد التي ينبغي الظهور بها. وداعاً شهر الخير والتقوى في البداية تحدثت لنا (إيمان العويس) مديرة القسم النسائي بمؤسسة الحرمين الخيرية عن يوم العيد وعن فراق شهر رمضان في كلمات مؤثرة قالت فيها: لمن أعزي ولمن أهنىء ,, لمن أبث شكاتي لوداعه,, ولمن أنثر مشاعري فرحة بقدومه. هاهو شهر رمضان انقضى وارتحل عنا، وكأنه لم يكن رحل عنا وكأنه لحظات سرعان ما انتهت بنهاره الجميل,, ولياليه العطرة. نودعك ياشهر القرآن,, والتقوى والصبر والعتق من النار والقلب ينزف آلاما لوداعك,. نودعك ودمع العين يسكب لك سلاما,. فسلام من الرحمن كل أوان على خير شهر قد مضى وزمان سلام على شهر الصيام فإنه أمان من الرحمن كل أمان لئن فنيت أيامك الفريضة فما الحزن من قلبي عليك بفان فيا ليت شعري من منا المقبول فنهنئه ومن منا المطرود فنعزيه فعلى كل حال يظل الخير متواصلاً,, وأبوابه مازالت مفتوحة لمن أراد أن يطرقها ويجني ثمارها كي ينعم بآثارها الطيبة في دنياه وآخرته. فها نحن اليوم نتبادل التهاني والتبريكات فرحاً واستبشاراً بقدوم عيد الفطر المبارك,, فلكم مني يا أحبتي أحلى وأجمل عبارة التهاني مملؤة بالحب والأخوة في الله لقدومه تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال,, ونسأل الله أن نكون من الذين يقول لهم المولى يوم العيد انصرفوا مغفورا لكم,, قد أرضيتموني ورضيت عنكم والملائكة شهود على ذلك. نعم أقبلت علينا ياعيد والكل مسرور وسعيد بقدومك ولكن هناك سؤال يطرح نفسه. كيف تكون فرحتنا كمسلمين بالعيد؟ أيا ترى تكتمل فرحتنا بالعيد باللباس الجديد والتزين والظهور بالمظهر الحسن فقط,, أم يا ترى بالهوى,, والغفلة والسهر وتضييع الأوقات فيما لا فائدة فيه والعودة إلى المعاصي والفسوق والمجون مبهورا في نفسه أنه فرح بالعيد أم يا ترى بالسفر إلى بلاد الكفر والانحلال والفساد فإلى كل من كانت فرحته بالعيد هكذا,. وتواصل إيمان العويس كلمتها قائلة معبرة: اسمح لي ان اهمس في اذنيك هذه الهمسة الاخوية علها تجدي من حق كل واحد منا ان يفرح ويسعد بالعيد كيفما شاء ولكن في حدود المعقول وفي رضى الرحمن لا في,,, فليس العيد لمن لبس الجديد,, انما العيد لمن طاعته تزيد ويتذوق حلاوة ولذة المناجاة بعد ان تجرع مرارة العصيان ولوعة البعد والهجر؛ عيدنا الحقيقي يكمن في انتظامنا في سلك التائبين المنيبين الراغبين في رحمة الله وثوابه الخائفين من بطشه وعقابه. قال الحسن البصري: كل يوم لايُعصى الله فيه فهو عيد,, وكل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو له عيد. فرحتنا بالعيد لا تنسينا من هم على الا سرة البيضاء ولو بدعوة صادقة لهم بالشفاء. تهنئة الأهل بهذا اليوم المبارك كما تحدثت الدكتورة لولو القضيبي استاذة مساعدة بكلية آداب البنات الرياض تحدثت قائلة: رمضان احدى المحطات الإيمانية التي يتزود منها المسلم بطاقة قوية تعينه بعد الله عز وجل على تقوية العقيدة في قلبه وعلى التمسك بتعاليم الإسلام التي تحقق السعادة في الدارين وإنه على المسلم ان يستفيد من مدرسة الصيام وروحانية رمضان وليكن ذلك دافعاً له على الاستمرار في الأعمال الصالحة فعمل المؤمن لاينقضي قبل الموت، والعبادة أصل في حياتنا وليست طارئة أو مؤقتة بزمان أو مكان قال تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) وإن من علامات قبول العمل الاستمرار عليه وعدم الانقطاع عن الأعمال الصالحة، فلنحرص على صيام النفل ونداوم على إقامة الصلاة بأوقاتها مع السنن الرواتب وقيام الليل، ونكثر من بذل الصدقات ومد يد العون للمحتاجين وخاصة اليتامى ونداوم على قراءة القرآن والذكر والاستغفار. وقد شرع الله للمسلمين في ختام شهر الصيام عبادات تزيدهم من الله قرباً، وتزيد إيمانهم قوة، وفي سجل أعمالهم حسنات: فشرع لهم زكاة الفطر التي من حكمتها كما ذكر فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين حفظه الله الاحسان إلى الفقراء يغنيهم عن السؤال في أيام العيد ليشاركوا الأغنياء في فرحهم وسرورهم به. ويكون عيداً للجميع، ومنها الاتصاف بخلق الكرم وحب المواساة وتطهير للصائم مما يحصل في صيامه من نقص ولغو وإثم، وفيها إظهار شكر نعمة الله، باتمام شهر رمضان وقيامه وفعل ماتيسر من الأعمال الصالحة. ومن تلك العبادات مشروعية التكبير من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد، امتثالاً لقوله تعالى: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) وكان من هديه صلى الله عليه وسلم يوم العيد لبس أجمل الثياب وأكل تمرات وقرأ قبل خروجه للمسجد لتأدية صلاة العيد تلك الصلاة التي ينبغي للمسلم أن يحرص على تأديتها بخشوع وحضور قلب ويتذكر باجتماع الناس في الصلاة على صعيد المسجد اجتماعهم في المقام الأعظم بين يدي الله عز وجل في صعيد يوم القيامة. وليحرص المسلم على سماع الخطبة وليكن فرحاً هذا اليوم فهو يوم الجوائز حيث يستوفي الصائمون فيه أجر صيامهم ويرجعون من عيدهم بالمغفرة إن شاء الله فهذا اليوم موسم الفرح لأنهم فازوا بكمال طاعة ربهم وحازوا على ثواب أعمالهم وذلك لثقتهم بوعده سبحانه لهم بفضله ومغفرته كما قال سبحانه: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون). سورة يونس/ 58 آية وينبغي للمسلم في يوم العيد تهنئة الأهل والزوجة والأولاد لأن ذلك من مكارم الأخلاق الاجتماعية. كذلك التوسعة على الأولاد في الأعياد بما يحصل لهم من ترويح البدن وبسط النفس بما ليس بمحظور ولا شاغل عن طاعة الله. أما ما يفعل بعض الجهال في الأعياد من السهر وإضاعة الأوقات باللهو ومشاهدة المحرمات وسماع الغناء والتهاون في الصلاة وهجر القرآن فإن ذلك فعل من بدل نعمة الله كفراً قال الله تعالى: (ولاتكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) سورة النحل. مفهوم الفرح في العيد وشاركت الداعية المعروفة اسماء الرويشد في الموضوع بهذا الرأي: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإننا قبل أن نتساءل كيف نفرح في يوم عيدنا، لابد لنا أن نحدد الإجابة عن سؤال مهم يسبقه ويترتب عليه إجابة الأول، وهو لماذا نحن نفرح في يوم العيد؟ سؤال نراجع به مفهوم الفرح في يوم العيد والباعث له ذلك أن كثيراً من الناس يفرح في يوم عيده وهو لم يحدد السبب لهذا الفرح، ومنهم من يفرح لأمور هي مع النظر ليست السبب الذي من أجله شرع لنا العيد وكان يوم فرح وسرور شرعاً وعرفاً. وقفة يسيرة مع هذا السؤال نجد إنما كانت مظاهر الفرح في يوم العيد لما حصل لنا فيه من أجر عظيم وزال عنا فيه شر كثير إذ سبقه شهر رمضان تلك المرحلة الزمنية الفاضلة المباركة الذي جعله الله تعالى فرصة عظيمة واسعة للمسلمين للتخلص من أوزارهم وآثامهم ومضاعفة أعمالهم وأجورهم فيعم الفرح القلوب في هذا العيد ومثله عيد الأضحى الذي يأتي بعد الوقوف بعرفة فرحة كبرى إذ بلوغ رمضان نعمة كبرى على من أدركه وقام بحقه سيفرح المسلمون في أيام العيد راجين فضل ربهم ورضوانه كما قال ربنا جل وعلا: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير ممايجمعون) ولذا قد قيل: ما فرح أحد بغير الله إلا لغفلته عن الله، فالغافل يفرح بلهوه وهواه، والمؤمن يفرح بقربه من مولاه. وبهذا المفهوم الصحيح لمعنى فرحة العيد ستبدو ملامح فرح المسلمين في ذلك اليوم كمظهر من مظاهر العبادة والعمل بشكر الله جل وعلا والثناء عليه واللهج بذكره ومن ذلك التكبير ليلة العيد إلى صلاة العيد كما قال تعالى: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) وكذلك أداء صلاة العيد كل ذلك من الشعائر العظيمة ومن آيات شكر النعمة، ومن مظاهر الاحتفاء بيوم العيد ذلك الجو المفعم بالتواصل والتزاور والتكافل وبذل الصدقات بتبادل التهاني والعبارات الجميلة الأمر الذي يترك أعظم الأثر في نفوس من يرى هذه الصور المشرقة في مجتمع المسلمين ومن مظاهر ذلك الفرح التجمل ولبس أحسن الثياب تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم ولايفوتني في هذا المقام أن انبه أخواتي المسلمات أثناء تزينهن في يوم العيد من الوقوع فيما حرم الله من التبرج أو لبس الثياب التي تخالف الآداب والحدود الشرعية. ثم ان هناك أمر مهم ولابد أن يكون من أهم مظاهر يوم العيد ذلك هو العفو والتسامح ونبذ العداوة والشحناء راجين بذلك تمام عفو الله وصفحه في ذلك اليوم الذي يرجع فيه أقوام بعفو الله ورحمته كما ولدتهم أمهاتهم. وكلمة أخيرة أحذر فيها أخواني المسلمين من مظاهر الفرح بغير الحق التي يكون فيها مخالفة أمر الله والوقوع في معاصيه وكذلك الاستغراق في اللهو واللعب والسهر الذي يفوت على كثير من الناس أداء الفرائض وتجر إلى مفاسد عظيمة مما يخشى على من فعل ذلك الدخول في الوصف الذي ذم الله به أهل النار بقوله تعالى: (الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا) وكأنهم يريدون بذلك أن يمحوا أثر رمضان من نفوسهم وصحائفهم، وماعلموا أن من علامات قبول العمل الاستمرار على طاعة الله والبعد عن معاصيه.