الحمد لله الذي لا راد لقضائه وهو على كل شيء قدير، وهو الذي جعل الموت حقا على عباده، وآمنا بالله العزيز الحميد الذي قال في محكم آياته كل نفس ذائقة الموت ، ففي الثالث من هذا الشهر الكريم الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار تلقيت ببالغ الاسى والحزن نبأ وفاة حبيبي وصديقي وجاري وزميل دراستي المقدم/ عبدالله محمد الغازي العتيبي رئيس مركز الوثائق والمعلومات بمرور الرياض، فقد كان خبرا تلقيته من اخي محمد واحدث في نفسي حزنا شديدا وذرفت عيني دموعا لا يمكن كبتها في مثل هذه المواقف وخصوصا اذا حدث ذلك لشخص قريب لنفسي كمثل ابي محمد. اعتقد ان رثاء اي شخص هو بلاشك تسطير لماض حافل بالعديد من الوقائع وقصص يتنوع سردها حسب الظروف والمواقف التي مرت بها تلك الوقائع، ودافعي لكتابة هذه المرثية عن ابي محمد ان هذا الرجل تتصف فيه خصال عديدة فهو يمتلك من دماثة الخلق ما يمتلكه اكثر من شخص وكريم بدرجة الكرماء المحدودين لم لا وقد زرعت فيه هذه الخصلة الحميدة من ابيه محمد بن غازي العتيبي رحمه الله رحمة واسعة ذلك الاب المعطاء بأخلاقه وتعاونه اللامحدود خصوصا مع جيرانه الذين انا واحد منهم حيث قدم لي خدمة لن انساها متمثلة في تسهيل امر لي لدى احدى الدوائر الحكومية وانا ذو الثمانية عشر ربيعا فقد كانت تلك الخدمة بداية طريق نجاحات اعمالي التجارية، ومن المشاهد المعروفة عنه رحمه الله لمنزله الذي لا يهدأ من حركة او يطفأ له نور من خلال سنين مديدة مضت وقد عرفته بذلك حينما تجاورنا منذ بداية الثمانينات الهجرية في حي (القري بالقرب من شارع عسير) فقد كان منزله مقرا للقادمين من خارج الرياض من اقاربه واصحابه وجماعته فقد كان هذا المنزل بالنسبة لهم الاقامة المؤقتة او شبه المستديمة وبهذا الايضاح المختصر زرع هذا الاب في ابنائه هذه الخصال، وكان أبو محمد (عبدالله) واحداً منهم ولان هذه الاسطر كتبت لعبدالله خاصة فمن حقه علي ان أمضى كتابة في ان اقول عنه أن عبدالله رحمة الله عليه حينما التحق بالعمل في جهاز المرور وكان ذلك في بداية طفرة الخير التي مرت بها مملكتنا الحبيبة فيعلم الجميع أن تلك الفترة كانت فرصة قد يستغلها من كلف بقيادة او عمل مميز بان ينال من حطام الدنيا بشكل او آخر أو بأقل ما يمكن المفاخرة بهذا المنصب الذي كان يتقلده كما لم يخدعه بريق الرتبة العسكرية التي وصل الى ما يسمى برتبة كبار الضباط خصوصا لمن يكن في جهاز حساس مثل ذلك الجهاز فقد كان رحمة الله عليه لا يعير هذه الامور اي اهتمام ولم يستغل منصبه وهو منصب حساس قد يستغله ضعاف النفوس والدين ويشهد له بذلك العديد ممن عملوا وتعاملوا معه كما يشهد له وضعه الاقتصادي حيث فارق الحياة الدنيا ولم يمتلك مسكنا خاصاً به وعلى اية حال فانني اكتب هذه الاسطر بشيء في نفسي اردت كتابته واطلب من الله ان يتحقق وينشر. وقبل الختام ادعو الله جلت قدرته ان يتغمد ابا محمد برحمته وان يسكنه فسيح جناته وأن يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان وعزاؤنا لاخوانه (بدر وعروة وخالد وعبدالملك) واخواته وزوجته وابنائه راجين من الله العلي القدير ان يتكفل بهم انه سميع مجيب الدعوات.