لأولئك الذين ينوون شراء منازل وفق نظام الرهن العقاري المتوافق مع الشريعة فمن الأفضل لهم الاطلاع على هذا التحليل الذي يكشف أنهم سيسددون دفعاتهم المالية في نهاية المطاف لشركة ذات ملكية حكومية قد يملكون فيها 19 %. ليس هذا فقط، بل ستساهم «منازلهم الجديدة» في إيجاد سوق ثانوية «من العدم» لتداول الرهونات العقارية؛ ما يساهم في تدعيم «الروافد الاقتصادية» للوطن. في التحليل الذي نُشر الأسبوع الماضي تم إلقاء نظرة شمولية على اللبنات الأولى التي تضعها المملكة لقيام سوق ثانوية لتداول أصول الرهن العقاري الإسلامي. والسوق الثانوية هذه «مرحلة ضخمة» بحد ذاتها، لا يعرف أهميتها إلا أولئك المتمرسون في هيكلة منتجات أسواق المال. وهذه الخطوة قد تعيد إلى الحياة للأسواق الثانوية «الميتة» للصكوك وكذلك الإذن بميلاد نوع آخر من الأدوات المالية، وهو «التصكيك أو التوريق» (securitization). وهذه المرحلة التطويرية ستكون بمنزلة نقلة نوعية لأسواق المال السعودية غير المتطورة لحد ما. ولا يوجد أي من الشركات الحكومية المهيأة لأن تصبح لاعباً أساسياً في صناعة هذه السوق الثانوية للرهونات العقارية؛ ولذلك تمت إناطة هذه المهمة لوزارة المالية لدراسة ذلك الملف، ونتج من ذلك صدور مشروع اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري، الذي ينص بتأسيس شركة سعودية «لإعادة التمويل العقاري». هذا الكيان الحيوي سيلعب خطوة مهمة في ترسيخ دعائم إنشاء سوق ثانوية في الرهن العقاري هنا، وهذا يشابه ما تقوم به شركة فاني ماي الأمريكية التي تشتري القروض العقارية من المؤسسات المالية، وتساعد في تطوير السوق الثانوية. وفي حين ستتمسك الحكومة بحصة أغلبية في تلك الشركة المهمة للاقتصاد الوطني فإن القراءة الأولية للمقترحات توضح بشكل غير مباشر أن النسبة التي سيتم طرحها للاكتتاب العام ستبلغ 19 %؛ حيث ستصل حصة صندوق الاستثمارات العامة إلى 51 %، في حين أن شركات التمويل العقاري سيسمح لها بتملك حصص لن تزيد مجتمعة على 30 في المئة. المرحلة الأولى.. بيع الحقوق دعونا الآن «نغوص» في التفاصيل الفنية الخاصة بكيفية نشوء الأوراق المالية الخاصة بالرهونات العقارية، التي سيتم تداولها في السوق الثانوية. في البداية يأتي «العميل» لشركة «التمويل العقاري» من أجل الحصول على منزل ما. يتم توقيع العقد لمدة 20 سنة. سيضطر العميل لدفع دفعات شهرية، يتفق عليها، وذلك لمبلغ إجمالي قدره 900 ألف على سبيل المثال. طبعاً الشركة ستكون قد حصلت على ضمان في هذه الحالة من العميل. بعد ذلك تأتي شركة «إعادة التمويل العقاري»، وتقول لشركة «التمويل العقاري» إنها مستعدة لشراء هذه «الحقوق» بخصم ما، وهو 890 ألفاً. وهكذا ستقوم شركة «إعادة التمويل العقاري» بشراء تلك «الحقوق» لغرض ما سنتناوله بالتفصيل في «المرحلة الثانية»، التي ستكون في الأسبوع القادم. أما الآن فدعونا نلقي مزيداً من التفاصيل بما يُقصد ب»الحقوق». قامت مؤسسة النقد بتعريف «حقوق عقود التمويل العقاري» على أنها بمنزلة التدفقات النقدية والرهون والضمانات، وغيرها من الحقوق الناشئة عن عقود التمويل العقاري. و»نقل الحقوق» يعني أن يتم نقل الحق في استيفاء الدَّين أو الرهن أو أي حق آخر من شركة (التمويل العقاري) إلى شركة (إعادة التمويل العقاري) التي بدورها قد تبيعها لطرف آخر. وهنا تقول اللائحة: «يجب أن ينص في عقد التمويل العقاري على حق شركة (التمويل العقاري) في نقل جميع حقوقها إلى الغير في السوق الثانوية دون موافقة المستفيد, بما في ذلك حق الرهن والضمانات الأخرى». [email protected] *مراقب ومدقق شرعي معتمد من (AAOIFI) ومتخصص في هيكلة الصكوك وخبير مالية إسلامية لمجموعة «ادكوم آكادمي» المصرفية في الولاياتالمتحدةالأمريكية.